سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
غلاء الأكلات الشعبية ومواد صنع “مونة الشتاء“، ساهم بشكل كبير في تراجع الإقبال على المونة، التي اعتاد السوريون تحضيرها للاستهلاك الشتوي، كالمكدوس والجبنة والملوخية والفليفلة وغيرها من الأكلات.
ويقول غزاوي، في حديث : “لم أستطع تموين سوى 5 كيلو من المكدوس، كنا قد اعتدنا على تموين 25 كيلو، لاستهلاكها على مدار عام كامل، لكن أسعار الباذنجان والزيت هذا الموسم، كانت مرتفعة عدّة أضعاف، ولا تتناسب أبدا مع دخلي المتوفر من عملي كسائق تكسي“.
المكدوسة بألف ليرة” يشير غزاوي، بعد أن أجرى حسبة بسيطة على تكلفة “مونة المكدوس” التي صنعها في المنزل، ويزيد قائلا: “عائلتنا ستُحرم من طبق المكدوس اليومي على مائدة الفطور خلال الشتاء، وربما ليس المكدوس فقط، بعد أن ارتفعت أسعار معظم مواد المونة هذا العام“.
يُعد الزيت من المواد الأساسية لصنع المكدوس، وبعد أن استبدلت العائلات السورية زيت الزيتون، بالزيت النباتي لصنع المكدوس، ارتفعت أسعار الأخير إلى أرقام غير مسبوقة، حيث وصل سعر اللتر منه إلى 14 ألف ليرة سورية، بعد أن كان لا يتجاوز 10 آلاف قبل شهرين.
عبارة الصيدلاني وليد دالاتي، المنحدر من مدينة دمشق، “يسقط المكدوس قاتل الفقراء”، كانت من أبرز الردود التي لاحقت رواجا على موقع “فيسبوك” خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصا وأن جميع التعليقات على ارتفاع سعر الزيت في سوريا، أقرت بأن” 99 بالمئة، من الشعب السوري لم يموّن المكدوس” بسبب غلاء الأسعار، فيما كانت العبارة التي شهدت تفاعلا أوسع، هي للمنحدر من مدينة طرطوس، خضر علوش، والتي قال فيها، “ترقبوا القادم، موسم المونة لسا ما بدأ“.
عضو لجنة مصدّري الخضراوات والفواكه في سوق الهال محمد العقاد، صرح في وقت سابق، أنه “لا يوجد إقبال على تموين المكدوس هذا العام، فالقوة الشرائية شبه معدومة، ففي مثل هذه الأيام كانت السيارات الخاصة تملأ سوق الهال لشراء الباذنجان والفليفلة بالجملة، أما اليوم فأغلب المواطنين باتوا يقومون بشراء كيلو واحد فقط من محلات السمانة القريبة من منازلهم كنوع من الشهوة“.
ورغم تسعيرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام السوري ، للتر الزيت بـ12600 ليرة سورية قبل أيام، وإصدارها العديد من النشرات السعرية للمواد الأساسية، يعتقد غزاوي، أن التطمينات الحكومية لا جدوى منها، بالنظر إلى ما يحدث بالأسواق
ما فائدة هذه التطمينات إذا لم تنعكس على حياة المواطن، الوضع يزداد سوءا، العام الماضي كنا نستطيع على الأقل تخزين بعض المونة للشتاء، هذا الموسم الأسعار لا تُصدق بالفعل“.
وغلاء أسعار المواد الاساسية شمل أيضا الأطعمة الشعبية، كالفول، والفلافل، والإندومي التي يعتمد عليها شريحة واسعة من السوريين في الطعام اليومي، كونها رخيصة نوعا ما وسريعة التحضير، إلا أن أنباء إغلاق معمل “الإندومي”، بعثر أوراق الكثير من العوائل والأفراد في سوريا.
معقول حتى الإندومي ما عاد نحصلها” يقول محمد شيخ صالح، وهو طالب في الثالث الثانوي، اعتاد على تناول الإندومي في أيام الدوام المدرسي، بعد وصوله إلى المنزل، كونها وجبة خفيفة
فالإندومي، التي كان يعتمد عليها شيخ صالح، وغيره من السوريين، وكان الشعار المكتوب لإعلانها “وجبة البلد“، أصبح المعمل المنتج لها مهددا بالإغلاق، بعدما أعلن صاحب المعمل أيمن برنجكجي فعلا، عزمه إيقاف خط الإنتاج في معمل “الإندومي”، قبل أن يتراجع عن قراره.
وقبل أيام وبعد ساعات من إعلانه توقف المعمل، عاد برنجكجي، ونشر منشورا آخر أوضح فيه ما جرى، حيث كتب: “بلفتة كريمة من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم الذي تواصل معنا فور سماعه بخبر توقف المعمل وطلب منا استمرار الإنتاج وبأنه سيعمل جاهدا معنا على تذليل المعوقات“.
وأضاف: “بدورنا نرحب بالتفاعل الإيجابي والسريع للسيد الوزير ونعِد المستهلكين بعودة الإنتاج بأقرب وقت ممكن”
ولفت إلى أن السبب الرئيسي للإغلاق هو “نفاذ المواد الأولية اللازمة للتصنيع وصعوبة تأمينها بين سندان العقوبات ومطرقة شح التمويل“.
شيخ صالح، الذي أكد أن ارتفاع أسعار الأكلات الشعبية، حرمه من شراء حتى السندويش من الأسواق، فأرخص سندويشة في الأسواق السورية اليوم، يتجاوز سعرها 2500 ليرة سورية.