الوضع الراهن في شمال شرق سوريا بعد مؤتمر روما تزامناً مع التهديدات التي تواجه المنطقة

الهجمات الجديدة المحتملة من قبل الجيش التركي ومع ذلك، تواجه «قوات سوريا الديمقراطية» العديد من التهديدات الأخرى لحكمها الذاتي، من بينها القضايا الإنسانية الجسيمة،وانبعاث لتننظيم الدولة “دا عش”، والمطالب المتكررة للنظام السوري بعودتها إليه دون قيد أو شرط. وعلى الرغم من أن بشار الأسد وحلفاءه في موسكو يفتقرون إلى الوسائل لفتح مواجهة عسكرية مع «قوات سوريا الديمقراطية» أو الرغبة في القيام بذلك، إلا أنهم يستغلون بسهولة نقاط الضعف المحلية التي ازدادت حدة بسبب الهجوم التركي والانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية، والذي يأملون في رؤيته مكتملاً في الأشهر المقبلة ،وطالما تتواجد القوات الأمريكية في شرق البلاد، فلدى «قوات سوريا الديمقراطية» فرصة جيدة للبقاء متحدة لإدارة المنطقة.
لكن وجود القوات السورية والروسية يعقّد المشهد. فهي تتمركز في بعض القواعد داخل “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” وكذلك في جميع المناطق الحدودية مع الجيش التركي. ومن المرجح أن يكون الهدف من تمركز روسيا هو التأخير مؤقتاً لأي هجوم تركي جديد بقدر ما يكون السيطرة على المحاور الاستراتيجية لـ “الإدارة الذاتية”. وعلى أي حال،  ولكن هذه الإيام تواجه خطورة يتم تهديد المنطقة بانتظام من قبل خلايا تنظيم «الدولة دا..عش» والقنبلة النووية الموجودة في الحسكة داخل السجن من عناصر التنظيم.
وقد بقيت بعض القوات الأمريكية في رميلان، والشدادي، وفي حقول النفط جنوب شرق دير الزور. وتقوم بدوريات مكثفة في الطرق في هذه المناطق، مما يمنع القوات الروسية والسورية من استخدام المسارات خارج منطقة نفوذهم المباشرة. وتخضع المعابر الاستراتيجية الحيوية بين الطريق السريع “إم 4” (“M4”) وطريق عامودا-الحسكة لسيطرة أمريكية متشددة – حيث لا يُسمح للقوات الروسية باستخدامه للوصول إلى قواعدها في عامودا والقامشلي. وبالمثل، يُحظر على القوات الروسية والسورية، التي تثير بانتظام حوادث مع الدوريات الأمريكية، العبور في الطريق بين رميلان ومعبر فيشخابور مع العراق. وتريد موسكو السيطرة على هذا المعبر لأنه يشكل الاختراق الوحيد لحزام التطويق الذي بنته تركيا وروسيا وإيران والنظام حول “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”. وبالفعل، فبتعاون أنقرة، يبدو أن الكرملين يتّبع استراتيجية للسيطرة التدريجية من خلال النقاط الاستراتيجية والاختناق الاقتصادي.
قبل اندلاع الحرب ، لطالما دفع نظام “البعث” المنطقة الخاضعة حالياً لسيطرة “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” للتخصص في إنتاج المواد الخام كالقمح والقطن والزيت، والتي كان يتم إدخالها بعد ذلك في انتاج المواد الغذائية في غرب سوريا. وكان الهدف من تلك الخطوة إبقاء المنطقة معتمدةً على دمشق والحدّ من ميول الحكم الذاتي، سواء بين الأكراد أو القبائل العربية.
وتشكل هذه الترتيبات تحدياً كبيراً للحكم الذاتي للمنطقة حالياً، لأنها لا تزال تعتمد إلى حدّ كبير على الواردات في المجال الزراعي وقطاعات أخرى (على سبيل المثال، لا تنتج “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” الأسمدة أو المبيدات الخاصة بها لمحاصيل التصدير). وكانت المحاصيل تتناقص بصورة هائلة منذ عام 2011، مما أدى إلى انخفاض كبير في دخل المزارعين. كما أدت الحرائق المنتشرة في عام 2019 إلى ثني العديد من السكان المحليين من زراعة حقولهم
والأهم من هذا كله، يفتقر المزارعون في “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” إلى المياه الكافية بسبب تدمير شبكات الري الكبيرة على نهر الفرات خلال الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وسوف تكون إعادة تأهيل هذه الشبكات بطيئة ومكلّفة، وتتطلب مساعدة كبيرة من المنظمات التي أصبح عملها معوّقاً حالياً بسبب المخاطر الأمنية.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم تركيا المياه كسلاح ضد “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مما يقلل تدفق نهر الفرات والاستفادة من المياه الجوفية حول الحدود، وبالتالي تقليل الكميات المتاحة في المصب. ومع استيلائها على رأس العين، أصبحت القوات التركية تسيطر الآن على المصدر الرئيسي لمياه الشرب في محافظة الحسكة، وهي محطة علوك لضخ المياه،  بعد وصول لاجئين جدد من تل أبيض ورأس العين. فالمياه الجوفية المحلية مالحة، وستكون عملية بناء أنبوب من المالكية، التي هي مصدر أكثر ملاءمة، طويلة ومكلّفة. ويتمثل حل مكلف آخر في توسيع “قناة الصور” إلى أقصى الشمال من الشدادي،
وفي غضون ذلك، حاول النظام السوري استغلال الوباء العالمي الناتج عن فيروس كورونا لتشويه سمعة “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”، زاعماً أن الدولة السورية هي الوحيدة القادرة على مكافحة هذا الوباء. وفي السياق ذاته أقام «إقليم كردستان العراق» مختبرين في “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”، لكن المعدات الطبية لا تزال شحيحة، مما اجبر فرضْ قيود صارمة على الحركة الداخلية من أجل منع انتشار الفيروس على نطاق أوسع. وكانت هذه الجهود فعالة من حيث احتواء الوباء، لكنها أضرت بالمساعدات الخارجية والاقتصاد المحلي الهش.
إن هدف روسيا الظاهر هو تضييق الخناق على “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” والتسبب بحلها.

إعداد : ابراهيم حمو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.