اللاجئون السوريون في السودان رحلة اللجوء إلى لجوء جديد

السودان – مروان مجيد الشيخ عيسى 

يعيش اللاجئون السوريون في جميع دول العالم، ويلات كثيرة ،بين الموت في الغابات والترحيل من البلدان التي ظنها شقيقة ،إلى قوارب الموت ،إلى الحروب في البلاد التي استقروا فيها بحثا عن الأمان ،فلم تنته رحلة لجوء السوريين من بلادهم إلى السودان نهاية سعيدة، حيث تسببت الاشتباكات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان بحصر خيارات السوريين في العاصمة الخرطوم بين النزوح داخليا أو العودة للوطن أو اللجوء مجددا إلى بلد ثالث.

فأوضاع السوريين في السودان الذين يبلغ عددهم نحو 30 ألفا مأساوية، حيث لا أمان لأهل البلد ولا للسوريين أو أي جالية في الخرطوم التي تحولت إلى مدينة أشباح.

وجاء في مقابلة أجرتها الأناضول مع أحد الموجودين حاليا في السودان، لتقصي أوضاع السوريين والاطلاع على معاناتهم، وخاصة اللاجئين منهم، الذين لم يعد لهم طريق سوى اللجوء مرة أخرى بعد رحلة اللجوء الأولى من بلدهم.

وتحدث ناجي عن أوضاع السوريين في السودان قائلا: الحرب بدأت فجأة، والناس لم تتوقع تطور الأوضاع بهذا الشكل ،لم يكن لدى الناس استعدادا لفترة الحرب، وأوضاع الموجودين في الخرطوم سيئة حيث لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية ،فعدد القتلى من السوريين وصل 17 شخصا، ولا إحصائيات بشأن الجرحى.

أما التنقل داخل الخرطوم صعب جدا، وأغلب المحلات التجارية مغلقة، والمفتوح منها قليل جدا، كما أن الأسعار في ازدياد مستمر، إضافة لنزوح السوريين والسودانيين معا إلى ولايات أخرى.

والقسم الأكبر من السوريين توجه إلى مدينة بورتسودان شرق، فيما توجه حملة الجنسية السودانية منهم إلى مصر، إضافة إلى من استطاعوا الحصول على التأشيرة المصرية التي تقدر قيمتها بين 1000 – 1300 دولارا.

أما وضع السوريين في بورتسودان مأساوي إلى أبعد الحدود، غلاء في إيجار البيوت وغلاء في الأسعار، ومع دخول فصل الصيف تصبح المعيشة صعبة جدا بسبب نقص المياه في المدينة التي تعتمد على مياه الأمطار والآبار.

سكان بورتسودان يخرجون في الصيف إلى مناطق أخرى بسبب نقص المياه، فدخول المهاجرين واللاجئين من الجاليات الأخرى إلى المدينة بسبب الحرب زاد الوضع مأساوية، حيث أصبحت أجرة المنزل في اليوم الواحد لا تقل عن 50 دولارا.

بعض الأسر تتشارك البيت الواحد، حيث تسكن النساء داخل البيت، بينما ينام الرجال في الطرقات أو المساجد أو في أي مكان مناسب.

ومن لا يجد منزلا يضطر للبقاء في الشوارع أو المساجد أو الحدائق أو على أرصفة ميناء بورتسودان على أمل السفر على متن إحدى الطائرات المتجهة إلى سوريا.

وهناك ضعف في عمليات الإجلاء بصفوف السوريين، حيث أجلت السعودية نحو 50 إلى 60 شخصا ضمن أول قافلة وصلت إلى بورتسودان، وبعدها تدخلت الجالية السورية.

فالجالية بدأت في جمع الأسماء بشكل عشوائي بمبادرة من بعض أبنائها، لذلك لا يزال معظم السوريين عالقين في بورتسودان ،وتم تسيير نحو 10 رحلات جوية لإجلاء السوريين، بسعة 170 راكب تقريبا لكل رحلة، والرحلتين الأولى والثانية كانتا مجانية، لكن لم يستفد منهما إلا عدد قليل جدا من الفقراء والمرضى الذين كانوا في حاجة ماسة للإجلاء.

أما بقية الرحلات التي انطلقت آخرها في 14 أيار الجاري، كانت مدفوعة بقيمة تراوح من 800 إلى 1000 دولار للشخص الواحد، مع صعوبة الحصول على حجوزات.

وبادر بعض السوريين بتجهيز قائمة من 70 اسما قدمت إلى السفارة السورية التي عملت على تسهيل مغادرتهم جميعا، لكنها لم تقبل أي قائمة أخرى لاحقا، فأول رحلتين ضمت قائمة قصيرة من الحوامل والمرضى.

والمبادرة أعدت أيضا قائمة باسم نحو 250 شخصا، أغلبهم مرضى أو حالات فقيرة جدا، ورفعتها إلى السفارة لأجل ترحيلهن مجانا، لكن الرد جاء بالرفض.

أما الشعب السوداني فقد قدم وجبات غذائية للسوريين في بورتسودان، إضافة إلى حصولهم على خدمات طبية من منظمة الهلال الأحمر الدولية، لكن تلك المساعدات اختفت في الفترة الأخيرة.

وتواصلت الجالية السورية مع والي ولاية البحر الأحمر السودانية، حيث أبدى الوالي تعاطفه معهم بشرط أن يتم حل مشاكلهم بشكل سريع.

فهناك ضعف في أداء السفارة السورية، ولا يعلم أحد السبب. وهناك نقص في الموارد، فالناس أنفقت ما تملك من أموال في رحلة مغادرتها من الخرطوم إلى بورتسودان، حيث كان سعر تذكرة المواصلات قرابة 300 دولار للشخص الواحد.

وينتظر العالقون من السوريين الفرج من أي جهة تخرجهم من نيران المعارك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.