الكشك أو كما يسميها أهل الدير الفورة أكلة عريقة جداً ، لم ولن تستطع أيام الزمان أن تطويها إلى هذه الأيام
لقد حازت هذه الأكلة الشهية على وِسام الأكلة الصباحية الشتوية الاشهر و الاطيب في مناطق الخابور والفرات
ويعتبر الفورة الكشك الجزراوي أو الديري ركن أساسي من اركان المطبخ الشهيرة
و يجتمع على عِشقها كل اهل الخابور والفُرات .
والكشك أو الفورة بالحسكة وبالدير ليست مجرد اكلة صباحية شتوية .
لكن هي تاريخ حافل بالذكريات الجميلة من ايام الخير و المحبة
يتم تحضرها منذ نهايات الصيف لكي نتناولها في صباح الشتاء القارس البرد
– فهي تتميز بأنها تُدفِئ جوف الإنسان و غنية بالمواد الغذائية الطبيعية و تمنح الجسم حيوية و نشاط .
وللكشك او الفورة طُقوس خاصة و مميزة و لها شروط اساسية عند طبخها :
اولا أن تكون بصباح يوم الجمعة .
ثانيا أن يجتمع افراد العائلة بأكملها مِن أجل تذوق الكشك او الفورة الدافئة
ثالثا لا تُطبَخ إلا في صباح فصل الشتاء .
رابعا يجب أن يتوزع منها للجيران او للأقارب الموجودين بضمن الحارة او الحي القريبة .
– عناصرالكشك أو الفورة الاساسية :
خاثر غنم
فشيق أبيض
عُوِّين حبوب اللوبيا اليابسة
سمن عربي ضان أبيض
ثوم أو بصل يوضع قسم مع سلق العوين و قسم ع التدسيم ينكوى بالسمن العربي ملح _ماء .
كيف أبدأ هنا بصناعة الكشك أو الچِشِچ قديما في وصولا الى أكلة الكشك أو الفورة الدافئة على السُفرَة .
يتم تحضير الچِشِچ في اواخر فصل الصيف او بدايات الخريف بحيث تكون الشمس لا تزال قوية .
صناعة الچِشِچ ..
كان اهل الجزيرة والفرات قديما يخلطون خاثر الضان مع الفشيق الابيض و يضعون هذا الخليط بداخل المُخمَر الخشبي لمدة يومين .
فيسحب خشب المخمر ماء الخاثر و يتخمر الخاثر و الفشيق بهذه الفترة
و ترى جوانب المخمر من الخارج مُرطب و يظهر منها بعض قطرات الماء .
– بعد هاذين اليومين نفتح المخمر و نتذوق المزيج نشعر انه ذو نكهة حامضية غريبة لكنها لذيذة و قوامه تغير و أصبح ثقيل و له رائحة مميزة نتيجة التخمير .
– بعدها تبدأ المرأة بتقطيع الچشچ الى اقراص دائرية بحجم راحة اليد ثم تثقب القرص من المنتصف بواسطة رأس الإصبع و القرص لا يزال طري .
ومن ثم يتم تقطيع اقراص الچِشچ قديما على مِنظَدَة خشبية أو على السطح .
حيث يَفرُشون فوق المنضدة شاشية بيضا و تبقى اقراص الچِشچ فوق هذه الشاشة البيضاء لمدة من اسبوع إلى عشرة أيام
و عدم تجفيف الاقراص من ماء اللبن بشكل جيد يجعل الكشك يحمِض بأشهر المونة و يتغير طعمه عند الطبخ و يصبح لون الفورة بِني غامق .
بعد ما تِجف الاقراص تماما تقوم الام بجمعها و تأخذ خيط قماش او نايلون عادي و تِبدا بلظُم الاقراص بطريقة تمرير الخيط بوسط كل قرص واحداً واحداً حتى تصبح بشكل قلادة
تِصنع الام اكثر من قلادة بحسب كمية الملونة و تعلقها بمكان جاف بعيداً عن الرطوبة مِثل حائط المطبخ ، او حائط مناسب بالسقيفة .
وعندما يقبل الشتاء وخصوصا في صباح بارد ممطر نبدا بمرحلة تجهيز الكشك أو الفورة
يتم نَقع العوين بوعاء٦و ننقع الجشج بوعاء ثاني مِن ليلة الخميس .
– و في صباح الجمعة ، يتم تصفية اللوبية أو العوين و يوضع له ماء جديد مع حَفنة صغيرة من الفشيق الابيض
ويوضع عالنار و نتركه حتى يغلي أو يفور بهذا الشكل تقريبا عشرين دقيقة
بعدها نأخذ الچشچ المنقع ويتم عصره ومَرده الليِّن باليد بواسطة مصفاة ينمَرِد إلى أن يبقى قشور الفشيق بالمصفاة فقط مع شوي حبات كبار من الفشيق .
وقديماً النساء المعدلات اللاتي يصن ّ النعمة ينثرنَ حبوب الفشيق الزائدة و القشور للعصافير و لا يتم رميها حتى يكون للطيور نصيب من هذه الأكلة.
هنا العوين لايزال يفور على النار و معاه حَفنة الفشيق إلا أن ينتهي وقته المحدد يحُلط معاه سِنِّين ثوم مهروسات بعصارة الثوم القديمة
و بعد ما نضع الثوم بدقيقتين نضيف المُستخلَص الناتج عن تصفية الچشچ فوق العوين الموجود بالقدرية .
مع رشة ملح يتم تِتقدرها حسب الرغبة
بعدها تبقى الفورة تقريبا نص ساعة لأربعين دقيقة على النار مع التحريك المتناوب بإستمرار لحتى تُعقُد و تتماسك و يصبح قوامها ثقيل و رائب بلونها البني الفاتح .
نأخذ كم سن ثوم مقطعة لشرايح نِحمسها بمقدار ثلاث ملاعق من السمنة العربية
و نصبها فوق وجه الفورة و نُخلطها معاها بالقدرية
بعدها نطفيء النار عنها و نتركها٦ خمس دقائق لحتى تِهدأ الطبخة .
بحيث تِبدا تنتشر رائحة السمن العربي بكل ارجاء البيت مع راءحة الثوم المقلي
على هالرائحة الزكية يبدأ اهل البيت النائمون بالإستياظ واحد وراء الثاني .
– طبعا الأم تكون هي الانسانة الوحيدة التي تكون قد استيظت من وجه الصبح .بعز البرد بالشتاء لكي تحضِر الفورة الطيبة للعائلة . وتقوم الأم بتوزيع قسم منها للجيران والأقارب القريبين.
ويتم سكب الكشك أو الفورة في أطباق أو في صحن كبير يجمع كل أفراد العائلة وأفضل مايكون أكلها على خبز التنور الحار فتة
ولاتزال الأم تضع عصارة حبها لكل أفراد عائلتها وللجيران والمحبين في هذه الأكلة العريقة.
بقلم: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح