القصيدة الدمشقية وعشق نزار الأبدي،،

نزار قباني دبلوماسي و شاعر عربي. ولد في دمشق (سوريا) عام 1923 من عائلة دمشقية عريقة هي أسرة قباني ، حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .
عشق نزار دمشق وعشقته وبقيت تعيش في وجدانه في حله وترحاله وحتى آخر لحظات حياته. يقول فيها :
هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح
إني أحب… وبعـض الحـب ذباح
أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي
لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح
و لو فتحـتم شراييني بمديتكـم
سمعتم في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا
وما لقلـبي –إذا أحببـت- جـراح.
فهو دمشقي وقلبه ونبضه لدمشق حتى جراحه ودمه ممزوجة بعبق وتاريخ دمشق.

مآذن الشـام تبكـي إذ تعانقـني
و للمـآذن.. كالأشجار.. أرواح
للياسمـين حقـوقٌ في منازلنـا..
وقطة البيت تغفو حيث ترتـاح
طاحونة البن جزءٌ من طفولتنـا
فكيف أنسى؟ وعطر الهيل فواح
كل شيء في دمشق له نكهة وطعم ورونق خاص بها كالمآذن وشجرة الياسمين التي لايكاد يخلو بيت من بيوت دمشق منها. أما طاحونة بن القهوة اليدوية فهي جزء من أدوات البيت الدمشقي العتيق. مع صوت مواء القطة.
هذا مكان “أبي المعتز”..منتظرٌ
ووجه “فائزةٍ” حلوٌ و لمـاح
هنا جذوري.. هنا قلبي… هنا لغـتي
فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاح؟
كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورها
حتى أغازلها… والشعـر مفتـاح
يصور كيف كانت الحياة الدمشقية برجولة أهلها وانوثة نسائها
فجذوره دمشقية وقلبه ولغته دمشقية وعشقه عفيف كعشق أهل دمشق.
أتيت يا شجر الصفصاف معتذراً
فهل تسامح هيفاءٌ ..ووضـاح؟
خمسون عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ.
فوق المحيط.. وما في الأفق مصباح
تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـاف لها
وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاح
وعندما جاء إلى دمشق بعد خمسين عاما أقبل معتذرا لشجر الصفصاف ولنساء دمشق فهو كان في في بعده مشتت مقطع الأوصال تطارده المآسي.
أقاتل القبح في شعري وفي أدبي
حتى يفتـح نوارٌ… وقـداح
ما للعروبـة تبدو مثل أرملةٍ
أليس في كتب التاريخ أفراح؟
والشعر.. ماذا سيبقى من أصالته
إذا تولاه نصـابٌ … ومـداح؟
وكيف نكتب والأقفال في فمنا
وكل ثانيـةٍ يأتيـك سـفاح؟
حملت شعري على ظهري فأتعبني
ماذا من الشعر يبقى حين يرتاح؟.
فهو دائما يبحث عن جميل الكلام في أشعاره فتاريخ الأمة العربية كله أحزان وشجن أما أصالة الشعر فتفقد جمالها إن تولى كتابة الشعر المنافقون. وكيف يستطيع الشاعر أن يعبر عن مآسي البلد وهناك من يحاسب الإنسان على أي لفظ ينقل الحقيقة. وأكثر الشعراء هجروا البلد يحملون هموم الأمة.
فكانت هذه القصيدة أروع ما قيل عن دمشق قائلها دمشقي الهوى والقلب واللسان.

إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى

تحرير: حلا مشوح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.