، أن الشهادات والأدلة المتوافرة حول الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق المدنيين واستهداف الأعيان المدنية، تُعتبر خطوة مهمة نحو توثيق هذه الانتهاكات وجمع الأدلة اللازمة لإثباتها.
و المشكلة الرئيسية لا تكمن في نقص الأدلة، بل في غياب الإرادة السياسية الدولية لتحويل هذه الأدلة إلى قرارات تنفيذية تطبق على أرض الواقع.
أن تلك المؤسسات والهيئات الدولية، رغم ما تصدره من تقارير وقرارات حول الانتهاكات الإسرائيلية، لم تتمكن حتى الآن من الانتقال إلى مرحلة التطبيق العملي لهذه القرارات، سواء عبر ردع الاحتلال أو محاسبة قادته.
وهذا يعود إلى التواطؤ الدولي والغطاء السياسي الذي توفره دول كبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية، لإسرائيل.
أن هذه الحماية الدولية عززت سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها قادة الاحتلال منذ عقود، مما شجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وغيره، مثل الشعب اللبناني.
وفيما يتعلق بدور المقررين الخاصين للأمم المتحدة، وفي الغالب تقدم تلمةالمؤسسات توصيفاً دقيقاً للوضع في قطاع غزة وتحذر من خطورته، لكنها لا يلق أي استجابة دولية فعلية.
وفي الحقيقة هذا الوضع يعكس سياسة ازدواجية المعايير التي يعتمدها المجتمع الدولي في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وبكل اسف أن تطبيق هذه القوانين بات يعتمد على جنسية الضحية والجاني، وليس على حجم الانتهاكات وخطورتها.
“فهذا التحيز الفاضح يظهر القصور الكبير في النظام القانوني الدولي والشرعية الدولية، ويعزز الحصانة التي تتمتع بها إسرائيل ضد أي مساءلة حقيقية”.
أن غياب الإرادة السياسية لدى الدول الكبرى، وخاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، يمثل العائق الأساسي أمام اتخاذ خطوات فعلية لردع إسرائيل عن جرائمها.
فتلك الدول، التي تتحكم في النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، صممت المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، لتكون أدوات لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها.
ولكن “عندما تصدر هذه المؤسسات تقارير أو قرارات تتعارض مع مصالح القوى الكبرى أو حلفائها، فإنها تبقى حبراً على ورق ولا يتم تنفيذها على أرض الواقع”.
فهذا التواطؤ الدولي يعكس تماهياً واضحاً مع جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، مما يعزز من حالة الإفلات من العقاب.
أن هذه الهيئات الدولية يجب أن تنتصر لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأن تلتزم بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه حقوق الإنسان والقانون الدولي.
أن تلك الشهادات والأدلة التي يتم جمعها حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي تظل ذات أهمية كبيرة، لكنها لن تؤدي إلى تغيير حقيقي ما لم تتوافر إرادة سياسية دولية حقيقية لمحاكمة القادة والجنرالات الإسرائيليين المسؤولين عن هذه الجرائم، أو على الأقل اتخاذ خطوات فاعلة لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها المستمر على المدنيين والأعيان المدنية في قطاع غزة، فيما يبدي الديك عن أن تحقيق هذا الهدف يظل مستبعداً في ظل الواقع السياسي الدولي الحالي.