تركيا – مروان مجيد الشيخ عيسى
آخر المواعيد التي حددتها أنقرة لعمليتها العسكرية كان مع مطلع أيام عيد الأضحى، ولكن وبعد مرور شهر على انقضاء آخر المواعيد التركية للعملية العسكرية، بات يجدر التساؤل حول الخيارات التي تبقت أمام أنقرة لتحفظ ماء وجهها بعد تهديدات لا جدوى منها، فهل تندفع لتوجيه أوامر بتحريك عمل عسكري في إدلب، أم أنها ستلجأ للخيار الثاني والذي فاجئ العديد من المراقبين حينما أعلن مؤخرا، وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، دعم أنقرة لدمشق بمواجهة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في مناطق شمال شرق سوريا، فهل تعلن الحكومة التركية قريبا عن رغبتها المباشرة للتقارب مع دمشق، رغم أن الأخيرة وجهت لها صفعة غير متوقعة ومن خلال دعم روسي، حينما أجرت قوات النظام السوري مناورات مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وفق ما نقلته وكالة “روسفيسنا” الروسية، وباتت العملية العسكرية التركية صعبة التنفيذ.
للمرة الأولى منذ نشأتها عام ٢٠١٥ أجرت قوات سوريا الديمقراطية مناورات عسكرية مشتركة مع قوات النظام السوري في منطقة منبج بريف حلب (شمالي سوريا) وهي إحدى أبرز المناطق التي كانت ستستهدفها العملية التركية، تحت إشراف ضباط في القوات الروسية.
وشملت المناورات التي تمت مؤخرا، تدريبات عسكرية برمائية أجرت خلالها قوات النظام السوري تمرينا واسع النطاق على عبور الدبابات مياه النهر للوصول إلى الضفة المقابلة، ورافقها طيران مروحي روسي وقصف مدفعي . كما تضمنت المناورات استهداف منظومة الدفاع الجوي الروسية “بانتسير” طائرة عسكرية مسيرة حلّقت في سماء المنطقة الخاصة بالتدريب.
ونشرت وكالة “روسفيسنا” الروسية تسجيلا مصورا للمناورات، وذكرت أنها تأتي في إطار ما أسمته العدوان التركي على شمال سوريا”، داعية تركيا إلى الأخذ بعين الاعتبار أن “سوريا سترد عليها بقسوة في حال بدء العملية العسكرية”، حسب ادعائها.
في الأثناء وبعد الإعلان عن تلك المناورات، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن هدف بلاده من العمليات العسكرية خارج حدود تركيا، هو مكافحة التنظيمات الإرهابية فقط، وأن أنقرة لا تطمع في أراضي دول الجوار، وفق وصفه.
وأضاف بأن “الأتراك والأكراد والعرب والسنة والعلويون إخوة، تركيا لا تستهدف أيا من هذه الشرائح، أنقرة تسعى فقط للقضاء على التنظيمات الإرهابية، وعلى الجميع أن يدرك ذلك بحسب تعبيره.
ويقول المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات إن العملية العسكرية التي روجت لها أنقرة منذ أيار الماضي، باتت بحكم المجمّدة بحكم أن الشأن السوري بات متداخلا في العديد من الملفات على الساحة الدولية.
وإن تشابك هذه الملفات أوقف جميع العمليات العسكرية في سوريا؛ سواء التركية أو الروسية عمليا، بغض النظر عن التصريحات الإعلامية البروتوكولية التي ما زالت تروج لتنفيذ عمليات عسكرية في البلاد، مشيرا إلى أن العملية التركية كانت يمكن أن تحصل في بداية التصعيد العسكري في أوكرانيا، أما اليوم فقد اصطدم قرار العملية برفض من حلفاء تركيا.
وباختصار، فشل الرئيس التركي في الحصول على تأييد قوي لخطته، خصوصا بعد تحذير إيران وروسيا، اللتان لم يرضيا باتفاق أردوغان مع ترامب في عام ٢٠١٦ والذي استطاع من خلاله نزع قبول لشن عمليات عسكرية في شمال سوريا.
فالضوء الأحمر الذي قابل أردوغان في طهران، قابله طرح ورقة لإرضاء الحكومة التركية، وثنيها عن شن عملية عسكرية في شمال سوريا، بقطعهم تعهدات بتزويد أنقرة بمعلومات استخبارتية تتعلق بمناطق شمال شرق سوريا.
وإن هذه الورقة كانت المخرج الرئيسي لأردوغان وبذلك تكون العملية قد تم وأدها قبل الأوان ليعود أردوغان بخفي حنين.