ديرالزور – مروان مجيد الشيخ عيسى
تشهد المناطق الواقعة غرب نهر الفرات في دير الزور صراعاً كبيراً بين الحليفين الرئيسيين للنظام السوري، روسيا وإيران، وقد حاول كلاهما إثبات وجوده في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية اقتصادياً وجغرافيا في دير الزور والسيطرة عليها.
وبدا التوتر واضحاً بين روسيا وإيران خلال معركة كسر الحصار المفروض على دير الزور في نهاية عام 2017، بعد أن منعت القوات الروسية وسائل الإعلام الإيرانية وحزب الله من دخول مدينة الميادين التي استعادها النظام. فقد حصَرت روسيا التغطية الإخبارية بوسائل الإعلام الرسمية السورية وبعض القنوات الروسية كجزء من خطة للسيطرة على دير الزور ومن ثم كسبِ الثناء في المعركة النهائية ضد تنظيم الدولة “د ا ع ش” من أجل تحدّي الانطباع العام بأن إيران كانت صاحبة اليد الطولى في سوريا.
فأصبح النزاع بين روسيا وإيران في دير الزور عنيفاً بشكل متزايد منذ بداية عام 2018. وقد شمل ذلك عمليات اغتيال واعتقالات تستهدف الجماعات العسكرية على الجانبين، تلَتها اشتباكات عسكرية مباشرة بهدف السيطرة على النقاط الاستراتيجية من قبيل المعابر النهرية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل مركز مدينة دير الزور.
وتمثلت أهم الهجمات على الأهداف الموالية لروسيا في اغتيال عصام زهر الدين في 18 تشرين الأول 2017 – والذي زعم النظام السوري أنه قضى بسبب انفجار لغم أرضي – وكذلك مقتَل ضابط روسي في حزيران 2018. وفي كِلا الحادثتَين، اتهمت روسيا إيران بالوقوف وراء الهجمات. واعتقلت روسيا العشرات من مقاتلي الميليشيا الشيعية رداً على ذلك، ورفضت توفير الحماية الجوية للقوات الموالية لإيران ولا سيما خلال هجمات التنظيم المتكررة على مدينة البوكمال.
وتُعتبر مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية العراقية مسرحاً مهماً في الصراع بين روسيا وإيران على دير الزور. كانت المدينة تحت السيطرة الكاملة لإيران، وهي تُعتبر الجزءَ الأكثر أهمية من الجسر البري الذي أمَّنته إيران لربط طهران والبحر المتوسط عبر العراق وسوريا. وهُما -روسيا وإيران- يعتبرانها أولوية كبرى.
خلال الأيام الماضية، قامت روسيا، التي تدرك الطموحات الإيرانية في البوكمال، بإرسال تعزيزات عسكرية، بما فيها الجنود والآليات العسكرية، إلى الريف القريب من المدينة من أجل تعزيز الوجود الروسي و ميليشيا الدفاع الوطني، وذلك بمثابة خطوة أولى في جهودها لتقويض السيطرة الإيرانية على المدينة. انضمت ميليشيا الدفاع الوطني، التي يغلب سنة دير الزور على منتسبيها على عكس المناطق الأخرى من سوريا إلى روسيا باعتبارها أقوى الأطراف الفاعلة الخارجية في دير الزور .
وكانت لروسيا وحلفائها اليد العليا في معركة المعابر النهرية التي تربط المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري بالمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور، وذلك بعد طردِ الميليشيات المتحالفة مع إيران والتي كانت تسيطر سابقاً على المعابر النهرية. وأهم هذه المعابر هي الشميطية والجنينة في الريف القريب من غرب دير الزور، بالإضافة إلى معابر الصالحية، ومراط، ومريعية، وبقرص في الأجزاء الشرقية من الريف. يمكن للمعابر النهرية أن تدر أرباحاً ضخمة يومياً بسبب تهريب الوقود والمواد الغذائية بين ضفتي نهر الفرات، وحقيقة أن المهربين والسكان المحليين يجب أن يدفعوا عمولة إلى المجموعة التي تسيطر على المعابر.
وتعتمد نتيجة الصراع الروسي الإيراني في محافظة دير الزور على القوات العسكرية المحلية، بما في ذلك تلك الموالية لروسيا كالفيلق الخامس وقوات أمن النظام السوري وأجزاء أخرى من جيش النظام السوري. و تعتمد إيران على الميليشيات الشيعية المحلية والأجنبية، بما في ذلك لواء الباقر والفصائل العسكرية المكونة من سكان قريتي حطلة ومراط الشيعيتين، فضلاً عن حزب الله والميليشيات الأفغانية والعراقية العاملة في دير الزور .