الواقع السياسي والاقتصادي لسوريا، لم تفهم معالمه بعد، بسبب تضارب التصريحات الدولية والإقليمية وتقاطعها من جهة أخرى، فلازالت الأوضاع تشوبها الضبابية، فالولايات المتحدة الأمريكية انتهجت المواربة بالنسبة التصريحات المتمثلة بخروج بعض مسؤوليها ونفيهم أو رفضهم لأي محاولة تطبيع مع النظام السوري من جهة، ومن جهة أخرى يوجد على الأرض ما ينافي تماماً هذه التصريحات وهو محاولة بعض الدول العربية التطبيع مع النظام من خلال زيارات رسمية ومن المعروف عنها ارتباط قرارها السياسي بأمريكا قطعا، فالإمارات ومصر والأردن والعراق ولبنان لم تكن لتجرأ على فتح قنوات دبلوماسية مع النظام السوري من دون الضوء الأخضر الأمريكي وبشكل مباشر، وفي ذات السياق استعرضت صحيفة “نيزافيسمايا غازيتا” الروسية، في مقال بعنوان: يعرضون على الأسد التخلص من صفة منبوذ”، مساعي بعض الدول العربية لإعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية، والموقفين الأمريكي والروسي إزاء ذلك. قمة الجزائر هل ستنجح في تعويم النظام ورأت الصحيفة أن مسألة إعادة التأهيل الدبلوماسي لسوريا ستكون على رأس القضايا المطروحة بالقمة العربية المقبلة في الجزائر، بعد أن نجح النظام في إعادة العلاقات مع اللاعبين العرب الرئيسيين الذين سبق أن دعموا المعارضة السورية وقال الباحث الزائر في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي أنطون مارداسوف، إن النظام السوري يُشد بشكل نشط إلى جامعة الدول العربية من قبل عدد من اللاعبين، وبشكل أساسي من خلال أجهزة المخابرات المصرية، باعتبار أن دمج النظام في الجامعة العربية يمكن أن يساعد في احتواء النفوذ الإيراني. أمريكا ودورها الخفي واعتبر مارداسوف أن عودة النظام إلى الجامعة العربية تصطدم بموقف الولايات المتحدة بشكل أساسي، لأن “واشنطن وقانون قيصر يسمحان بإمداد دمشق بالمساعدات الإنسانية وتنفيذ عدد من المشاريع الدقيقة ذات الأرباح الاقتصادية المنخفضة لسوريا، مثل خط أنابيب لضخ الغاز، لكن ليس أكثر من ذلك وأشار إلى أن روسيا تدعم عودة النظام إلى الحضن العربي، إلا أنها تعارض مساعي الدول المحركة لهذه العملية لتعويض النفوذ الإيراني في سوريا بتوسيع مشاركة روسيا، وليس الدول العربية، فيبدو أن خط الغاز ( العربي) كان من أبرز منافذ النظام السوري لكسب رضا الولايات المتحدة الأمريكية ولو جزئياً، خصوصاً أن خط الغاز يعتبر استثمارا إسرائيليا بامتياز، ومن هذا المنطلق تسعى الدول العربية تحت إشراف القطبين الروسي والأمريكي لتعويم نظام بشار الأسد، ولكن بشكل يحيطه الغموض والتخفي مراعاة للمنظمات الإنسانية في المجتمع الأمريكي التي بينت رفضها لأي شكل من أشكال التطبيع مع النظام السوري، الذي تعتبره مسؤولا مباشرا عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتهجير ملايين الناس واخفاء وقتل مئات الٱلاف، وهذا بالتحديد مايخالف سياسة واشنطن الأخلاقية والإنسانية المعلنة.