يعتبر من أبرز شعراء المعلقات ومن افخرهم فإن الشاعر الحارث بن حلزة شاعر جاهلي من أصول بدوية حيث ولد ونشأ في بادية العراق عرف في جميع قصص التاريخ ببرصه اشتهر بشدة فخره بقومه ونسبه حتى صار مضربًا للمثل في الافتخار فقيل: أفخر من الحارث بن حلزة.
ألقى قصيدته الشهيرة، التي ارتجلها بين يدي الملك عمرو بن هند ملك الحيرة وهو في العقد الرابع بعد المئة كما رجح المستشرق دوبرسفال أنه عمر بعد هذه الحادثة ما يزيد على خمسة عشر عامًا ومات عن عمر يناهز المئة وخمسين سنة
ولقد عانى طوال حياته من مرض البرص ومرضه كان السبب في امتناعه عن المناظرات الشعرية التي كانت تجري وخصوصًا التي يلقى بها الملوك وهو السبب نفسه الذي ردعه عن تمثيل قبيلته ومواجهة عمرو بن كلثوم شاعر تغلب فمثل قبيلته النعمان بن هرم الذي كان رجلًا مغرورًا فلم يحسن خطاب الملك فأثار غضب الملك وأمر بطرده من مجلسه.
بعد هذه الحادثة تأثر الحارث وثارت حميته فارتجل قصيدته الشهيرة أعجب الملك بفصاحته وذكائه ويقول الرواة أن أفضل ما قاله الحارث في حياته كانت المعلقة التي ارتجلها في قصر عمرو بن هند.
والكثير من الأدباء والمؤرخين أجمعوا على أنه من المعمرين ومن بينهم الأب شيخو الذي ذكر أن الشاعر اليشكري مات سنة 580 وكان عمره مئة وخمسين سنة فتكون ولادته في حدود عام 430. واخترنا من معلقته بعض الأبيات :
آذَنَـتــنَـا بِــبَــيــنــهــا أَســمَــــاءُ رُبَّ ثَـــاوٍ يَــمَـلُّ مِــنــهُ الثَّــواءُ
بَـعــدَ عَـهــدٍ لَـنـا بِبُـرقَـةِ شَمَّــاءَ. فَــأَدنَــى دِيَــارِهــا الـخَـلـْصَــاءُ
فَــريَـاضُ الـقَـطَـا فَـأوْدِيَـةُ الشُـــر. بُـبِ فَـالشُـعــبَـتَـانِ فَـالأَبْــلاءُ
لا أَرَى مَـن عَهِـدتُ فِيـهَا فَأبْكِيا. ليَــومَ دَلهاً وَمَـا يُـحَيِّـرُ الـبُكَـاءُ
وبِـعَــيـنَـيـكَ أَوقَـدَت هِـنـدٌ النَّـارَ أَخِـيــراً تُـلــوِي بِـهَـا الـعَـلْـيَــاءُ
فَـتَـنَــوَّرتُ نَـارَهَــا مِـن بَـعِـيــدٍ بِخـَزَازى هَيـهَاتَ مِـنكَ الصَّـلاءُ
أَوقَـدتها بَيـنَ العَـقِيقِ فَـشَخصَينِ بِــعُــودٍ كَــمَـا يَـلُــوحُالـضِـيــاءُ
غَـيرَ أَنِّي قَـد أَستَعِينُ عَلَى الهَـمِّ إِذَا خَـــفَّ بِــالــثَّــوِيِّ الـنَـجَــاءُ
بِــــزَفُـــوفٍ كَـــأَنَّــهــا هِــقَـلــةٌ أُمُّ رِئَـــــالٍ دَوِيَّــــةٌ سَــقْـــفَـــاءُ
آنَـسَت نَـبأَةً وأَفْـزَعَها الـقَنَّـاصُ آعَــصــراً وَقَــد دَنَـا الإِمـْسَـــاءُ
فَـتَـرَى خَلـْفَها مِـنَ الرَّجـعِ وَالـ ــوَقْــعِ مَـنِـيـنــاً كَــأَنَّـهُ إِهْــبَـــاءُ
وَطِــرَاقـاً مِـن خَـلفِـهِـنَّ طِــرَاقٌ سَـاقِطَاتٌ أَلـوَتْ بِـهَا الصَحـرَاءُ
أَتَـلَـهَّـى بِـهَا الـهَـوَاجِـرَ إِذ كُــلُّ ابـــنَ هَـــمٍّ بَـلِــيَّـــةٌ عَــمــيَـــاءُ
وأَتَـانَـا مِـنَ الحَــوَادِثِ والأَنبَــاءِ خَـطــبٌ نُــعـنَــى بِــهِ وَنُـسَـــاءُ
إِنَّ إِخــوَانَـنـا الأَرَاقِـمَ يَـغـلُــونَ عَـلَـيـنَــا فِــي قَـيـلِـهِــمإِخْـفَـــاءُ
ولولا برصه الذي جعله كثير العزلة لكان أفضل شعراء العصر الجاهلي.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح