اشتباكات عشائرية دامية تهز شمال شرق سوريا: قتلى وجرحى وحرق منازل وسط فوضى أمنية وصمت مريب لقوات قسد والتحالف الدولي

سوريا/ BAZNEWS

يشهد شمال شرق سوريا منذ أيام تصاعدًا خطيرًا في وتيرة الاشتباكات العشائرية، تاركًا وراءه ضحايا وجرحى وخسائر مادية جسيمة، في ظلّ فوضى أمنية عارمة وصمت مريب من قبل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتحالف الدولي المسيطرين على المنطقة.

مشاهد مروعة من ريف تل حميس:

فاجأت مشاهد مروعة لقرية تل حميس في ريف القامشلي، شمال شرق سوريا، رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وثقت لقطات ومقاطع فيديو حرق منازل وممتلكات جراء اقتتال عشائري عنيف بين عائلتين في قرية خرنوبي الرعيدات. وخلّف الاقتتال، الذي اندلع لأسباب غير معروفة، خمسة قتلى وأكثر من عشرة جرحى، بينهم نساء، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع.

ضحايا في دير الزور:

امتدت نيران الاقتتال العشائري إلى محافظة دير الزور، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين عشيرتي “البكارة” و”البوسرايا” في بلدة حوائج بومصعة، غرب دير الزور، على خلفية خلاف حول ساقية مياه. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل مواطن وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة، قبل أن يتدخل وجهاء من عشائر المنطقة لفض النزاع وإيقاف إطلاق النار.

تجدد الاقتتال في الرقة:

ولم تسلم محافظة الرقة من موجة العنف، حيث تجددت الاشتباكات بين عشيرتي “البوحمد” و”السبخة” في قرية السمومة، شرقي الرقة، بعد مقتل شاب من عشيرة “البوحمد” متأثراً بجروح أصيب بها في اشتباكات سابقة. وأسفرت الاشتباكات الجديدة عن استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مما أثار حالة من الفوضى والرعب بين الأهالي.

فوضى أمنية وصمت مريب:

تتزايد المخاوف من استمرار هذه الاقتتالات العشائرية في ظلّ غياب دور فاعل لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتحالف الدولي في فرض الأمن وحفظ الاستقرار في المنطقة.

ويتهم بعض أهالي المناطق المتضررة “قسد” بالتواطؤ أو حتى التخطيط لبعض هذه الاقتتالات، بهدف إلهاء الرأي العام عن التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها الإدارة الذاتية، خاصةً مع تصاعد المطالبات الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية.

النتائج كارثية:

يُشار إلى أنّ هذه الاشتباكات العشائرية قد خلّفت منذ مطلع العام الجاري 80 اقتتالًا، راح ضحيتها 44 شخصًا بينهم أطفال ونساء، وأصيب أكثر من 150 آخرين. كما تسببت هذه الاقتتالات في أضرار مادية جسيمة، شملت حرق المنازل والمحال التجارية والسيارات.

واقع مقلق في شمال شرق سوريا نتيجة استمرار الفوضى والفلتان الأمني  وانتشار الجرائم والمخدرات والفساد والفقر ونقص المقومات الأساسية للمعيشة

حيث تشهد مناطق شمال شرق سوريا، الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ازديادًا مقلقًا في وتيرة الاقتتالات العشائرية خلال الفترة الأخيرة. تُلقي هذه الظاهرة بظلالها القاتمة على المجتمع، وتُهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، تاركةً وراءها ضحايا بشرية وخسائر مادية، وتُعمق مشاعر التوتر والكراهية بين العشائر، وتُعيق عملية إعادة الإعمار والتنمية.

أسباب عميقة الجذور:

تتعددّ العوامل التي تُساهم في تفاقم ظاهرة الاقتتالات العشائرية في شمال شرق سوريا، ونذكر من أهمها:

الخلافات على الموارد:

تُعدّ الخلافات على الموارد، مثل المياه والأراضي الزراعية، من أهم أسباب الاقتتالات العشائرية في المنطقة.

فندرة هذه الموارد، وضعف نظام إدارتها، يُؤجّج الصراعات بين الأطراف المتنازعة.

الثأر:

تلعب ثقافة الثأر دورًا كبيرًا في إدامة العنف العشائري.

فالممارسات الثأرية تُؤدّي إلى دورة من العنف والقتل لا تنتهي، وتُهدّد السلم الأهلي.

انتشار السلاح:

يسود الفوضى وانعدام السيطرة على السلاح في مناطق سيطرة “قسد”.

ويُتيح ذلك سهولة الحصول على الأسلحة واستخدامها في الخلافات العشائرية، ما يُؤدّي إلى تفاقم العنف وسقوط الضحايا.

غياب سلطة الدولة:

يُعاني شمال شرق سوريا من غياب سلطة الدولة الفاعلة.

وتُعاني “قسد” من ضعف القدرات والإمكانيات اللازمة لفرض الأمن والقانون بشكل فعّال، ما يُخلق بيئة مواتية لتفجر الاقتتالات العشائرية.

من المستفيد؟

ولكن، من وراء هذه الفوضى، يبرز المستفيدون من استمرار هذه الاقتتالات وتغذيتها، أبرزهم:

قوات سوريا الديمقراطية (قسد):

يتهم بعض السكان “قسد” باستغلال هذه الاقتتالات لإضعاف النسيج الاجتماعي في المنطقة، وبالتالي إحكام سيطرتها عليها.

كما قد تُساهم الفوضى الناتجة عن هذه الاقتتالات في تبرير استمرار “قسد” كقوة أمنية ضرورية في المنطقة.

جهات خارجية:

قد تسعى بعض الدول أو الجهات الإقليمية إلى زعزعة الاستقرار في منطقة شمال شرق سوريا من خلال تأجيج الصراعات العشائرية.

فالفوضى في المنطقة تُخدم مصالح هذه الجهات وتُتيح لها التدخل في شؤون المنطقة وتحقيق أهدافها.

دعوات عاجلة لوقف نزيف الدم:

يتضرع أهالي شمال شرق سوريا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل لوقف نزيف الدم وإيجاد حلول جذرية لمعضلة الاقتتال العشائرية التي تُهدد بتفجير المنطقة بأكملها.

وتُناشد المنظمات المدنية في المنطقة “قسد” والتحالف الدولي بضرورة تحمل مسؤولياتهم في حفظ الأمن وحماية المدنيين، واتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة جذور هذه الظاهرة، بدءًا من مصادرة الأسلحة المتواجدة بشكل عشوائي بين المدنيين، ونشر نقاط تفتيش أمنية، وتعزيز دور القضاء العشائري في حلّ النزاعات وفق الأعراف المحلية.

إنّ استمرار الاقتتال العشائرية في شمال شرق سوريا يُشكل ناقوس خطر يُنذر بانزلاق المنطقة نحو المزيد من الفوضى والعنف، ممّا يتطلب تحركًا عاجلاً من قبل جميع الأطراف المع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.