دمشق – مروان مجيد الشيخ عيسى
تحاول إيران عبر ميليشياتها وتابعين لها من تجار وعسكريين ورجال أمن ومندوبين التغلغل في مناطق الريف الدمشقي منذ سيطرة النظام السوري على كامل المنطقة عام 2018، مع انتهاء العمليات العسكرية وإعلان المنطقة “آمنة” وخالية من فصائل المعارضة.
ويكون التغلغل الإيراني إما عسكرياً عبر فتح باب التطوع لأبناء المناطق، أو دينياً عبر رجال دين يعملون على نشر الثقافة الشيعية، أو عن طريق شراء العقارات، والتي تهدف بشكل أو بآخر لإجراء تغيير ديموغرافي، خاصة في المناطق القريبة من المراقد الشيعية في دمشق وريفها.
ومن المناطق معضمية الشام بريف دمشق التي كانت لها حصة من التواجد الإيراني، عبر شخصيات سورية تعود لعشيرة المراسمة المنتشرة بين شرق سوريا والعراق.
فقد دخل فرحان المرسومي وأبوعبد الله المرسومي، معضمية الشام في صيف 2018، عبر نفوذهما مع المكتب الأمني للفرقة الرابعة، وعلاقات شخصية تربطهما مع ماهر الأسد قائد الفرقة، وبالتنسيق مع قادة الميليشيات المحلية في المدينة.
دخول المرسومي كان بداية لعملية توسع عقاري، وتوطين المئات من الأشخاص الغرباء عن معضمية الشام، مستغلين غياب آلاف الأشخاص من أبناء المدينة، بين مهجّر ومهاجر ومعتقل وقتيل.
وبدأ هؤلاء المراسمة نشاطهم العقاري عبر شراء قطعة أرض في الجهة الغربية من المدينة، وأنشأ فيها مزرعة، لتكون بمثابة مركزاً للتوسع في باقي أنحاء المدينة، ومكاناً تُقام فيه بازارات البيع والشراء.
وواليوم يشغل المرسومي منصب شيخ عشيرة المراسمة في سوريا، وتم تنصيبه في أيلول من العام الجاري، بحضور كبار رموز النظام السوري وضباط روس ومفتي الجمهورية السابق “أحمد حسون”، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلامية .
وللمرسومي علاقات قوية تربطه بإيران وميليشياتها، ويعتبر مستشاراً عقارياً لهم في المنطقة الشرقية، لينتقل نشاطه فيما بعد إلى ريف دمشق.
وتقول المصادر أن أبو عبد الله المرسومي اليد اليمنى لفرحان الذي لعب على فكرة استغلال حاجة الناس للمال في المدينة، ووجود أصحاب بعض العقارات خارج سوريا أو شمالها، وخوفهم من صدور قرارات حجز احتياطي بحقهم.
وبين ترهيب وترغيب استطاع المراسمة شراء عشرات العقارات والأراضي الزراعية في معضمية الشام، واستقدموا عوائل من المنطقة الشرقية والعراق للإقامة في تلك المنازل بصفة مستأجرين ونازحين.
يقول بعض من وجهاء معضمية الشام أن عدد العوائل التي استقدمها المراسمة تقدّر بـ 250 عائلة” أصبحوا يشكلون نسبة واضحة ممن تبقى من سكان معضمية الشام، واتخذوا في اجتماعاتهم وطريقة عيشهم الطابع العشائري، لافتاً إلى أن بعضهم ممن جرى تشييعهم في المنطقة الشرقية من قبل إيران وميليشياتها.
فريف دمشق ذاهب لتغيير ديموغرافي واضح ويبدو أن ذلك سيمتد ليشمل داريا عما قريب ويقول سكان المدينة المتخوفين من أن تُصبح المدينة تحت غزو شيعي وتجد إيران فيها فجأة مقام لأحد الأشخاص المقدسين لديها.
فالبيع ليس كيفي والرفض سينتهي بالخطف او تلفيق تهمة واعتقال كما جرى مع أحد تجار العقارات المحليين، حين قدّم سعراً أفضل لصاحب منزل معروض للبيع من السعر الذي تقدم به أبو عبد الله المرسومي، ليختفي عدة أيام ويعود إلى المدينة متنازلاً عن المنزل، بعد اختطافه وتسليمه لإحدى المفارز الأمنية في المدينة وتهديده بالقتل في حال عدم بيع الشقة من جديد لأتباع المرسومي.
ولم يقتصر التشبيح على أبناء المدينة الرافضين لبيع عقاراتهم فقط، بل بدأ الوافدون الجدد الذين أضحوا أكثرية إلى ترهيب الناس، والحديث باسم “ماهر الأسد” ومكتب أمن الفرقة الرابعة، في حال حدوث أي مشكلة بينهم وبين أبناء المدينة.
وافتتح المراسمة مؤخراً معهداً تعليمي خاص سُمّي “معهد الوفاق” استقدموا إليه معلمين من دمشق ومناطق أخرى، لتدريس أبنائهم كي لا يضطروا للذهاب نحو العاصمة بحثاً عن معاهد.
واكدت مصادر مطلعة في الشؤون العقارية بريف دمشق، إن عمليات بيع مشابهة جرت في محيط مقام سكينة بمدينة داريا المجاورة لمعضمية الشام، مرجحاً سعي إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة لإنشاء ضاحية على غرار السيدة زينب مستغلين وجود المقام المزعوم.
وشهدت بلدة ببيلا جنوبي دمشق خلال السنوات الماضية عمليات شراء لعشرات العقارات والأراضي الزراعية، عبر شخصيات وتجار عقارات سوريين من أبناء المنطقة، لصالح إيران وميليشياتها بغية افتتاح فنادق وشقق فندقية على الطريق المؤدي لما يسمى مقام السيدة زينب، بهدف توسيع ما تُعرف بالسياحة الدينية.