بعد القضاء على النازية ومحاسبة مرتكبي الجرائم وعندما ننظر إلى جرائم النظام السوري منذ بداية الثورة السورية والتي دخلت عامها الـ 11 في آذار لاتزال لوائح القتلى والجرحى والنازحين في تصاعد مستمر وعلى الرغم من الانكفاء الواضح للتغطيات الإعلامية لما يحصل في الداخل السوري لا تزال بين الحين والآخر تخرج إلى الإعلام شهادات وتقارير تقشعر لها الأبدان عن جرائم النظام وارتكابه القتل والتعذيب والاغتصاب بحق المدنيين داخل المعتقلات السورية.
ووفق أحدث إحصاء لفريق منسقي استجابة سوريا الصادر في شهر كانون الثاني الماضي فإن أعداد النازحين السوريين بلغت حتى اليوم نحو ٢.٥ مليون من أصل أكثر من ٤ ملايين سوري يسكنون مناطق المعارضة السورية في حين يبلغ عدد سكان المخيمات مليوناً وو٤٣ ألفاً يعيشون ضمن ١٢٩٣ مخيماً من بينها ٢٨٢ مخيماً عشوائياً أقيمت في أراض زراعية ولا تحصل على أي دعم أو مساعدة إنسانية أممية.
وعدد الأيتام من سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية بلغ ١٩٧ ألفاً وو٨٦٥ يتيماً من النازحين والسكان بينما بلغ عدد الأرامل السوريات اللائي لا معيل لهن ٤٦ ألفاً و٣٠٢ أرملة وقد يكون الموت برداً أسهل على السوريين من مواجهة ما يحصل داخل مناطق سيطرة النظام علماً أن عشرات النازحين فقدوا حياتهم جراء البرد وغياب وقود التدفئة حيث تسجل حرارة منخفضة جداً في مناطق الشمال السوري تصل أحياناً إلى نحو تسع درجات تحت الصفر وقد أسفرت الحرب التي شنها النظام السوري عن مقتل مايقارب ٤٥٠ ألف شخص بحسب آخر إحصاء نشر على موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال كانون الأول الفائت.
يأتي هذا في شهادة ما جاء على لسان الشاهد السوري حفار القبور أمام محكمة ألمانية في شهر أيلول ٢٠٢٠ فقد عمل الشاهد حفاراً للقبور الجماعية لضحايا معتقلات الأسد ما بين عام ٢٠١١و٢٠١٧ وكشفت شهادة الحفار في رواية جريمة القتل المنظم التي ارتكبها النظام السوري ضد ضحاياه المدنيين فقد توالت التقارير الموثقة عن المختفين قسرياً خلال السنوات العشر الماضية كان أشدها صور قيصر التي تعرف من خلالها أهالي المفقودين على أبنائهم الذين اختفوا ولم يعرفوا مصيرهم فتلقوا فيهم العزاء بعد سنين من قتلهم هذا ولم تكن صور قيصر المصدر الوحيد للتعرف على مصير المختفين قسرياً بل ظل التقرير السنوي المستمر الذي تصدره الشبكة العربية لحقوق الإنسان يذكر بجرائم الاختفاء القسري في سوريا الأسد ويوثقها كل عام إضافة إلى تقرير المسلخ البشري الصادم عن سجن صيدنايا والصادر عن منظمة العفو الدولية عام ٢٠١٧.
لكن النظام السوري يرفض ارتكابه أي جرائم بحق المواطنين ووصف وزير الخارجية السابق وليد المعلم صور قيصر بأنها “آخر الأسلحة الأميركية للتأثير على الانتخابات.
أول حكم تاريخي حول انتهاكات النظام وكانت شهادة الحفار طلبت من قبل محكمة مدينة كوبلنز الألمانية لتدعيم دعاوى سوريين وسوريات في مقاضاة أنور رسلان وإياد غريب بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم قتل وتعذيب واغتصاب في فرع الخطيب الأمني في دمشق وهما ضابطان عملا في مخابرات نظام بشار الأسد قبل انشقاقهما عام ٢٠١٢ وستبقى جرائم النظام السوري بذاكرتها المؤلمة التي تجاوزت جرائم النازية والفاشية بسنين ضوئية.