سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
منذ متى كان ادونيس يدافع عن الحريات المدنية والعَلمانية وحقوق الإنسان فتاريخه سجل أسود من المواقف الانتهازية التي يندى لها الجبين، حد البكاء أمام العرب والادلاء بالشهادتين، مع انه لا يؤمن بهما.
ألم يكتب مقدمة لمختارات اعدتها زوجته خالدة سعيد لكتابات يدافع فيها عن موقف المضاد للمرأة.
ألم يأخذ جائزة عدو القصيدة الحديثة، أي القصيدة المدنية العلمانية، جائزة باشراحيل المخجلة.
ألم يكتب في أول التسعينات بأن الخليج هو مركز الثقافة العربية اليوم.
ألم يكن أول المنتفعين من كرم دولةالإمارات هذه التي يقول عنها بإنه لا يوجد حتى دستور لديها.
كان الأجدر بادونيس أن يعمل،كما يعمل بعض العلويين الاحرار،على تحسين سمعة الطائفة العلوية، بإدانة، على نحو واضح وعلني، جرائم نظام عائلة الأسد العلوية. كان الأجدر به أن يكشف عن شعور إنساني صغير،يمتلكة أصغر شاعر،إزاء الآلاف ممن قتلتهم شبيحة النظام.
إن ما تفعله فرنسا وأوروبا هو ليس أكثر من باب التضامن الإنساني مع بشر بسطاء يقتلون بأبشع الطرق.فلا فرنسا ولا اوروبا في نيتها اصلاح الشر الذي تمثله هذه الانظمة العربية بشر آخر، وهل هناك شر أفظع من شر نظام عائلة الأسد العلوية التي ينتمي اليها روحيا وسياسيا وأخلاقيا هذا الشاعر العجوز.
لم يعدلنظام الأسد الطائفي شبيحة تعمل على الأرض فقط، بل أيضا اصبح له شبيحة أخطر هي شبيحة الشعراء الذين لم يعد لهم لا ضمير، ولا أخلاق ولا يحزنون.
فالشاعر وجّه كل حديثه ضد مخالفي الأسد، ودأب على إعطاء رئيس النظام السوري التبريرات للحالة التي أوصل سوريا إليها.
كما هاجم “أدونيس” التاريخ الإسلامي، قائلا إنه لم يعرف الحرية، ولا التقدم، وتقتصر حريته فقط على “ممارسة الإسلام المتعارف عليه بين الناس فقط.
واعتبر “أدونيس” أن الدين الإسلامي نشأ على العنف، و “السلطوية”، مستشهدا بأن الرسول عليه الصلاة والسلام، وزوجته خديجة، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، جميعهم كانو تجارا، متابعا: “نشأ الدين كتجارة، ومال، أي سلطة.
وكرّر “أدونيس” أسطوانة مؤيدي النظام السوري بالقول إن “القوى الأجنبيّة تريد تدمير النظام السوري، كما دمّرت النظام العراقي، والليبي”، وأضاف: “كيف تقود القوى الرجعية والقوى الأجنبية الثورة.
أدونيس أوضح أنه لا حل لسوريا وغيرها سوى بنظام علماني، مدني مبني على أساس ديموقراطي، إلّا أنه بيّن أن أساسيات الديمقراطية تستوجب إقصاء الدين الذي يقف حاجزا أمام تحقيق المساواة، وفق قوله.
أهم ما أثبتته ثورات العالم العربي الأخيرة، أن المشكلة ليست فقط في السلطة السياسية، بل أيضا في السلطة الدينية، وفي السلطة النخبوية. والسلطة النخبوية، التي تعني طبقة ما يسمى المثقفون العرب أو النخبة التي احتكرت منابر الإعلام منذ عقود طويلة، حتى من كان منها يغط في سجون السلاطين. منذ سنين وأنا أقرأ بعض الصحافة العربية وأطالع مجبرا بعض الفضائيات أسأل السؤال البديهي: كيف يصح أن يبقى نفس القلم والصوت مسيطرا على الإعلام العربي قبل وبعد 2010؟ بعد ذاك التاريخ كل قلم وصوت توجه بقسوة ضد أحد السلطات العربية، فلم تنج سلطة عربية من قلم وصوت مشهور يفكك أسس قوتها، فماذا كانوا يفعلون إذا قبل 2010؟
وقد انقض أدونيس منذ 2011 يهاجم من يصيح الله أكبر، بدل أن يصيح “يا ملكة السماء، العارية على أرداف الوديان الحبلى”. ثم عاد بعد سنين يحاول التبرير بعد أن زاد غبار المعارك، فيتبرأ من السلطان، لكن نظره لا يستطيع أن يرى أبعد من أنفه، ثم بعد صمت طويل عاد أدونيس يتكلم عبر جريدة الحياة، ينسف كل شيء، ويصيح بالناس: أيها المتخلفون، يا من أنتجتم السلطة من وعيكم، دمرتم كل شيء، أيها الهابطون الذين لا ترون صفصافتي الفاتنة، كيف سرقتم ظلها، يا من أنتجتم الاستبداد، فأخرجتم الأرض من حلمها بين أثداء الشمس، باحثة عن ألم الماء في ولادة الزبد.
هذا هو أدونيس الذي تحتفي به بعض الدول العربية، الذي لم يكن يوما يدافع عن الحق ،بل كان ولايزال مثالا للمنتفعين على موائد الطغاة، من يهاجم القيم والشعوب التي تطالب بحريتها ،لايحق له أن يتحدث عن قيم ومبادئ ،من حول الشعب السوري الثائر إلى عملاء ،وحول القاتل إلى قائد ورمز يجب ألا يطلق عليه أديب إنما شبيح من الطراز الأول.