أبو العلاء المعرّي شاعر الحكمة والتشاؤم والفلسفة،،

من هو المعرّي وكيف عاش حياته :
أبو العلاء المعرّي هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي، شاعر وفيلسوف شهير، فقد بصره وهو ما زال في الرابعة من عمره نتيجة إصابته بمرض الجدري؛ إلا أنّ هذا الأمر لم يمنعه من تحصيل علمه، وخاصةً أنّه نشأ وتربى في بيتٍ كان محباً للعلم؛ فنظم الشعر مبكراً، وسافر إلى بغداد طلباً للعلم، وأصبح من أبرز الفلاسفة والشعراء العرب.
ولد أبو العلاء المعري في يوم الجمعة من شهر ربيع الأول من عام 363 هجري، وفقد بصره نتيجة إصابته بالجدري -كما سبق ذكره- في أوائل عام 367 هجري، وكان لا يعرف من الألوان إلا اللون الأحمر؛ لأنه ارتداه أثناء علاجه من مرض الجدري. وقد تعايش المعري مع وضعه الجديد، واعتبر فقدان البصر نعمة من النعم التي يحمد الله عليها؛ فكان يمارس حياته بشكلٍ طبيعي وترعرع المعري بالمعرّة مسقط رأسه، وتولى والده تعليمه اللغة والنحو وحفظ الحديث النبوي، وانتقل بعد ذلك إلى حلب، وتابع تعليمه النحوي محمد بن عبد الله بن سعد النحوي، ثمّ ارتحل إلى بغداد، وقابل هناك عبد السلام بن الحسين البصري وتزوّد من علمه
فبعد ذلك لزم داره معتزلًا الناس مطلقاً على نفسه بـ “رهين المحبسين” إلا أنّه اُخترقت هذه العزلة طلابه من أهل العلم فلم يسلّم كاهله لسلسلة العواصف
وبرز في شعره التشاؤم من ظلم الحياة والناس فيقول :
قد فاضت الدنيا بأدناسها
على براياها وأجناسها
وكل حي بها ظالم
وما بها أظلم من ناسها
ومن ثم يهاجم بعض من ادعى التدين وهو بعيد كل البعد عن الله :
توهّمت يا مغرور أنّك ديِّنٌ
عليّ يمينُ الله ما لك دينُ
تسيرُ إلى البيتِ الحرام تنسكًا
ويشكوك جارٌ بائسٌ وفقيرُ
وهو يرى نفسه حبيس سجونه التي جعلته في عزلة عن الناس :

أراني في الثّلاثة من سجوني. فلا تسأل عن الخبرِ النّبيثِ
لفقدي ناظري ولزومِ بيتي وكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ

وهو لايرى في حياته سوى الموت أو مادل عليه من قبور وأجساد ميتة يقول :
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي. نوح باكٍ ولا ترنم شاد وشبيهٌ صوت النعيّ إذا قِيـ س بصوت البشير في كلّ ناد أبَكَت تلكم الحمامة أم غـ نّت على فِرْعِ غُصنٍها الميّاد صاحِ هذي قُبورُنا تملأ الرُحبَ فأين القبور من عهد عاد خفّف الوَطْءَ ما أظنّ أَدِيْمَ الـ أرض إلا من هذه الأجساد

فوفاة والدته ووالده، كانت كلها ذات أثر في تكوين شخصيته الشعرية أو الفلسفيّة بشكل ما، ولمؤلّفات كلّ مرحلة من مراحل مسيرته في الشعر والتأليف سمات تختلف عن الأخرى، ولكنها كلها تجتمع في أنّها حملت فكرة المعريّ عن الوجود والحياة.

إعداد : مروان مجيد الشيخ عيسى

تحرير : ابراهيم حمو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.