هل تتخلى أميركا عن “قسد” لمصلحة تركيا والتسوية مع دمشق؟
تتجه الأنظار إلى واشنطن وسط تساؤلات حول مستقبل علاقتها مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مع تصاعد الضغوط التركية وظهور إشارات على تغيرات محتملة في سياساتها تجاه الملف السوري. مسؤول بارز في الإدارة الأميركية أوضح خلال تصريحاته لـ”اندبندنت عربية” أن الولايات المتحدة تسعى لتوازن دقيق في وجودها في سوريا لضمان الأمن والاستقرار من دون إثارة المزيد من التوترات الإقليمية.
اقرأ تفاصيل الخبر
هل تتخلى #أميركا عن “قسد” لمصلحة #تركيا والشرع؟
الوجود الأميركي في سوريا: أهداف أمنية أم رسائل سياسية؟
أكد المسؤول الأميركي أن الهدف الرئيسي من وجود القوات الأميركية في سوريا هو منع عودة تنظيم “داعش” وضمان استقرار المنطقة. وأوضح أن واشنطن تعمل بالتنسيق مع حلفائها لتجنب أي استغلال لهذا الوجود من قبل جماعات مسلحة أو دول مجاورة. وقال: “ندرك أهمية أن يكون وجودنا داعماً للاستقرار وليس مدخلاً لتأجيج النزاعات الإقليمية”.
تحركات دبلوماسية: حوار أميركي-تركي بشأن مستقبل سوريا
زار القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية الأميركية جون باس أنقرة لإجراء محادثات مكثفة حول قضايا الأمن والاستقرار في سوريا، مع التركيز على ملف الانتقال السياسي. ناقشت الاجتماعات أيضاً الضغوط التركية على واشنطن لتقليص دعمها لـ”قسد”، وسط مخاوف أنقرة من تحول الأراضي السورية إلى قاعدة للمنظمات الكردية المسلحة.
وشدد باس خلال المحادثات على أهمية تحقيق “التوازن” بين طمأنة الشركاء الإقليميين، مثل تركيا، وضمان عدم استغلال وجود القوات الأميركية لأغراض قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
واشنطن ترعى حواراً بين دمشق و”قسد”
كشفت تقارير إعلامية عن دور أميركي في رعاية حوار بين الإدارة الانتقالية في دمشق بقيادة أحمد الشرع و”قسد” بقيادة مظلوم عبدي. ويهدف هذا الحوار إلى دمج “قسد” ضمن تسوية سياسية شاملة، مع تقليص امتيازاتها كالإدارة الذاتية، وهو مطلب تركي أساسي.
وفي هذا السياق، قال المسؤول الأميركي: “نسعى لضمان عدم تحول سوريا إلى ملاذ للجماعات المسلحة الأجنبية، ونتفق مع تركيا على ضرورة التصدي لأي تهديدات أمنية”.
تخفيف العقوبات ودعم الحكومة المؤقتة
على صعيد الدعم الإنساني، أشار باس إلى أن واشنطن تعمل مع دول الخليج لتقديم مساعدات للحكومة المؤقتة في دمشق لضمان تقديم الخدمات الأساسية للسكان. تشمل المساعدات دفع رواتب الموظفين وتوفير الطاقة والكهرباء.
وأوضح باس أن هذه الخطوات تأتي في إطار التزام واشنطن بتخفيف معاناة الشعب السوري، مع تكييف العقوبات بطريقة تدعم الجهود الإنسانية من دون تقويض المسار السياسي.
مخيم الهول وسجناء “داعش”: معضلة دولية
يمثل مخيم الهول وسجناء “داعش” أحد أكبر التحديات الأمنية في سوريا. وأوضح باس أن المخيم يضم عشرات الآلاف من النساء والأطفال الذين يعيشون في ظروف كارثية، مما يجعله بيئة خصبة لتجنيد العناصر الإرهابية.
وشدد على أهمية معالجة هذا الملف من خلال حلول طويلة الأمد تشمل إعادة تأهيل السجناء وإعادة دمج العائلات المؤهلة في مجتمعاتها. وأضاف: “يجب أن تعود الغالبية العظمى من المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية لمحاسبتهم أمام القانون”.
إعادة دمج سوريا إقليمياً ودولياً
تعمل واشنطن مع شركائها الإقليميين على إعادة دمج سوريا في النظامين الإقليمي والدولي. وأكد باس أن تحقيق استقرار طويل الأمد في سوريا يتطلب تعاوناً واسعاً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن أي دعم دولي للحكومة السورية الحالية يجب أن يكون موجهاً نحو تحقيق الانتقال السياسي وتخفيف معاناة الشعب السوري، وليس تعزيز الانقسامات.
التوتر بين سوريا وإسرائيل: خطوات نحو تخفيف التصعيد
أكد المسؤول الأميركي أهمية معالجة التوتر بين سوريا وإسرائيل كجزء من تحقيق استقرار شامل في المنطقة. وشدد على أن واشنطن تعمل مع شركائها الإقليميين لمنع تحول سوريا إلى ساحة للصراعات بالوكالة، مشيراً إلى أن تخفيف التصعيد هو خطوة أساسية نحو تحقيق الأمن الإقليمي.
قرارات حاسمة بانتظار الإدارة الأميركية المقبلة
مع اقتراب دخول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض، تواجه واشنطن قرارات مصيرية تتعلق بمستقبل وجودها في سوريا ودورها في دعم الاستقرار الإقليمي. وأوضح باس أن الإدارة المقبلة ستحتاج إلى تحقيق توازن بين المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة والالتزام بالجهود الإنسانية.
وأضاف: “سوريا تمثل اختباراً حقيقياً للإرادة الدولية لحل النزاعات المستعصية، ويجب أن تتضافر الجهود لضمان انتقال سياسي مستدام”.
ختاماً، يبقى السؤال: هل تتجه واشنطن نحو التخلي عن “قسد” لصالح تركيا، أم أنها ستتمسك بدورها الحالي لتحقيق توازن استراتيجي في المنطقة؟