لقمة العيش وضنك الحياة واقع يعيشه المواطن السوري.

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

تعتبر جملة لقمة العيش صعبة كلمات تختصر معاناة البسطاء على رصيف الفقر كلمات تحمل معها واقعاً مؤلماً لفئة بقيت بعيدة عن أنظار مؤسسات المجتمع، وسلّمت نفسها مجبرة لقسوة الحياة، ومشقة البحث عن “مصروف يومي” تسد حاجتها، وتكفيها مذلة السؤال فئة معدمة تخرج من بيوتها المتهالكة كل صباح، وهي تحمل جراحها وآهاتها بحثاً عن أي شيء يشعرها أنها باقية على قيد الحياة وأنها ماضية لتعود، وبعيدة لتقترب من الفقر أخاً وصديقاً يواسيها بآلامه، وقسوته، وحرمانه، ثم تبقى مع كل ذلك تنتظر لحظة التغيير التي غابت عن الوجود، والوجوه، والظهور، وكأن الزمن يدور بعقارب صامتة، ومحزنة، وربما مخجلة وأن العمر يمضي بهم وسط رصيف يواسي فيه كل واحد منهم الآخر، ويبكيهم لحظة ما يغيب أحدهم عن مكانه مودعاً حياته دون أن ينصفه زمن المصالح والأنانية.

عندما تنظر إلى هذه الصورة وتتأملها بعمق فكأنك وقفت على رصيف الفقر وعشت مع ساكنيه لحظات صعبة من حياتهم، والتقيت بهم عن قرب وعايشت معاناتهم وصراعهم مع الحياة من أجل توفير لقمة عيش كريمة، لتهز عرش المسؤولين للنهوض من كرسيه والخروج إليهم، ومد يد المساعدة لهم ليساعدوا أنفسهم، ويعودوا إلى حياة أقرانهم في المجتمع ممن ينعمون بخيرات الوطن، ويستبشرون خيراً بحاضره ومستقبله، وجزالة حضوره الاقتصادي، والتنموي، والإنساني، دون أن يبقوا مكبلين على هذا الرصيف الذي حرمهم فرصة التواجد على رصيف آخر من التنمية والإنجاز.

محطتنا في كل الشوارع الضيقة داخل كل حي شعبي حيث لا تستطيع أن تتمالك دموعك الحارقة وهي تسقط من عينيك وأنت تلحظ ذلك الرجل الستيني وهو يعبر من أمامك، أو يعطّل حركة المرور عندما يلتقط قطعة “خبز بائتة رميت أمام أحد المتاجر، أو أحد المخابز، وقبل أن نسأله عن حاله تأتينا الإجابة من ملامح وجهه التي أصابها الإعياء، وملابسه الرثة وأدواته التي قام بتعليقها على جوانب عربته ذات العجلة الواحد وهي عبارة عن مطاره ماء أخذنا نتابع مشواره الحياتي اليومي ومعاناته من تكاليف الحياة الصعبة، فهو لا أطيق الجلوس في المنزل، والأبناء كبروا ولم يعد في المنزل سوى هو و زوجة مريضة فقرر الخروج في الصباح الباكر ليبحث عن عمل يسد رمقه وعائلته وإن لم يجد من يطلب منه أن يعمل بحفر حفرة أوهدم حائط أو نقل عفش أو صخر يذهب ليجمع  الخبز البائت من أمام المخابز والأرصفة، ويذهب به قبل صلاة الظهر لأحد تجار الماشية ويبيعه ليذهب ويشتري ربطة خبز وكيلو بندورة وخيار مما يعزله أصحاب دكاكين الخضرة بسعر أرخص ليعود لزوجته في المنزل الذي يسكنه بالأجرة رغم أنه غرفة واحدة بلا أبواب ولا نوافذ لتستر عار مجتمع انقسم أهله بين هاوية الفقر وغنى فاحش أما الوصول إلى الجمعيات الخيرية أصبح صعباً ليؤكد أن عمله متعب لكن لا يوجد فيه خجل ويكفي أنه يمارس رياضة المشي يومياً لمدة خمس إلى ست ساعات فلقمة العيش أصبحت صعبة اليوم

فهذه الفئة المعدمة تحمل جراحها كل يوم بحثاً عن أي شيء يشعرها بالبقاءعلى قيد الحياة ورغم كل تلك المتاعب والقهر فقلوبهم نقية نقاء الصباح لايحسدون ولايطمعون بمال أحد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.