كان الشعب السوري أمام تطرف النظام في سورية وخوف المعارضة من الانزلاق إلى حرب أهلية بدا قبول المبادرة العربية والدولية والعمل مع المجتمع الدولي للتوصل الى تسوية سياسية الذي كان الخيار الأفضل عند البعض وأوحت القرارات المتوازنة التي تبنتها الأمم المتحدة والتأييد الواضح لها من قادة أغلب دول العالم بأن هناك فرصة لقطع الطريق على استراتيجية الأسد وحلفائه وأن الأسد مهما أظهر من التعنت لن يستطيع أن يقاوم إلى ما لا نهاية الإرادة الدولية لكن بعد ما يقرب من عشر سنوات يشعر السوريون بأنهم خدعوا عندما اعتقدوا بوجود إمكانية لحل سياسي لا أمل فيه وبدل أن يجنبهم السير في المبادرة الدولية المزيد من الضحايا والخسائر المادية كما كان الجميع يأمل تحول المسار السياسي بالعكس إلى فخ نجح من خلاله النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون في قلب ميزان القوى على الأرض لصالحهم قبل قلب الطاولة على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي معاً
لم يشجع الاعتقاد بوجود فرصة حل سياسي الكثير من قوى المعارضة على الاستهانة بامتحان السلاح ومن ثم بالعمل على تنظيم الفصائل المسلحة وتأهيلها السياسي وتركيز الجهود في المقابل على النشاطات الدبلوماسية فحسب ولكنه خدع المجتمع الدولي والدول الصديقة التي لم تعد ترى ضرورة لتسليح الفصائل والرهان عليها بمقدار ما أصبح هدفها احتواءها والتحكم بها وكيف كان القادة الغربيون ينتظرون آثار ضغوطهم اللفظية باستسلام الأسد شهراً وراء شهر ويراهنون على تفاهم محتمل مع موسكو لم تكن هناك أي دلائل عليه
وبينما كان عشرات آلاف الشباب السوريين الذين تخلوا عن كل شيء وحملوا السلاح لتحرير وطنهم من استبداد غاشم كاد يقضي على معنى المدنية والحضارة فيه يفنون أعصابهم في انتظار السلاح أو الذخيرة من دون طائل كان الدعم بالرجال والسلاح يتدفق على قوات النظام من طهران وموسكو من دون حدود لتدمير المشافي والمخابز والأسواق الشعبية والمباني وتفريغ المدن من سكانها ولمزيد من الاحتواء العسكري للهجومات البطولية لشباب وهبوا روحهم للثورة من دون أي تأهيل أو تنظيم عسكري مسبق دفع النظام بالقوى الرديفة من الحركات المتطرفة والقومية والطائفية بمن فيها تنظيم الدولة الإسلامية الذي فتحت له حكومة نوري المالكي في العراق خزائن الموصل ثاني أكبر المدن العراقية من المال والسلاح الأميركي الحديث وأمام تردد الدول الصديقة في تقديم السلاح لفصائل الجيش الحر والتدخل الواسع النطاق للمليشيات الإيرانية والجيش الروسي أصبح من الصعب أكثر فأكثر الحفاظ على الأرض التي تم تحريرها في السنة الأولى من المواجهة وبسبب افتقاره التنظيم والقيادة الموحدة وما قامت به القيادات من سرقة ونهب وتبديل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة سرعان ما دب الخلاف بين المجموعات المقاتلة وانهارت دفاعاتها في جبهات عديدة وفقدت المبادرة هكذا لم يبق للمعارضة بعد خمس سنوات من التضحيات المريرة ما تضغط به من أجل تطبيق القرارات الدولية سوى ما تجود به الدول الصديقة التي بدأت تتخلى عنها بمقدار ما اكتشفت فشل خططها في الضغط السياسي والإعلامي على الأسد وتهديد رجالات حكمه بالحرمان من السفر أو بحجر حساباتهم في المصارف الأجنبية وهو ما لا تزال تراهن عليه تحت عنوان من أجل دفع تعديل سلوك النظام بدل أن تسقط وتغيره لنظام ديمقراطي يحقق آمال وتطلعات الشعب.