حلب – مروان مجيد الشيخ عيسى
تحدث نازحون من بلدة نبّل الشيعية بريف حلب الشمالي، عن طريقة تعامل وإدارة ميليشيا الحرس الثوري الإيراني مع سكان البلدة التي كانت المرتع الأول وأحد مراكز تصدير الشبيحة وعناصر الميليشيات التي قتلت السوريين.
وكشف النازحون عن التعاليم الدينية التي جاءت إيران بها، وأقنعت بها شبان بلدتها وبلدة الزهراء المجاورة بقولهم إن استيطان الإيرانيين لدينا بدأ سنة 2012، ولكن في الواقع بعثات طهران التبشيرية وتجارها كانوا يمرون ببلدتنا منذ فترة ما قبل الثورة.
فتجنيد الشبان بدأ بطرح إيران لكذبة وإقناعهم بها، مفادها أن السنّة قتلوا الحسين وأن الثأر له بات واجباً، لا سيما وأنهم أي السنة بدؤوا يعدّون العدّة لقتل أتباعه من الشيعة وليس لإسقاط نظام الحكم فقط، وأن الثورة والمظاهرات هي خير دليل على نيّاتهم.
فإيران اتبعت نموذج نظام الملالي في طهران داخل البلدات الشيعية في سوريا، وعيّنت في المدن الرئيسية كـ (نبّل والفوعة والقمحانة ومعردس) معمّمين ورجال دين بصلاحيات تشبه تلك التي يملكها خامنئي في إيران.
ووضعوا مرجعية دينية عليا تأمر وتنهى وتسن التشريعات والقوانين، لقد كان أهالي بلدتنا يُساقون بكلامه كما تُساق البهائم، إن أمر بالموت ماتوا وإن أمر بالزواج تزوجوا وإن أمر بارتكاب المجازر ارتكبوا، كما كان ذلك المعمّم مسؤولاً عن تزكية العناصر في الحرس الثوري وميليشيا حزب الله اللبناني، فضلاً عن صلاحياته في الاعتراض على أي قرار قد يصدر من هذه الميليشيا أو تلك.
فذلك المعمّم المدعو “فضل الله قاسمي” يصنّف الناس وفقاً لهواه، إذ سبق أن تسبب في اندلاع اشتباكات بين عائلتي شربو والضرير، وذلك بعد الادعاء أن امرأة من آل شربو تمارس الرذيلة مع شخص من آل الضرير، واصفاً العائلة بالفاسقة والفتاة بالفاجرة، وهو ما دفع عائلة الفتاة للهجوم على العائلة الأخرى واندلاع اشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى.
فالتحريض الأكبر كان على بلدات ريف حلب الشمالي، حيث كان المرشد الأعلى يعقد دروساً دينية باستمرار، من أجل الحديث عن الحقد التاريخي بين نبّل والزهراء الشيعيتين من جهة، وبين سائر بلدات ريف حلب الشمالي السنّية، مدعياً أن عمر بن الخطاب ومن بعده يزيد بن معاوية زارا تلك البلدات جميعاً وحرّض أهلها لقتل الشيعة وأتباع الحسين في المنطقة.
وتتعامل ميليشيات الحرس الثوري وحزب الله، مع شيعة نّبل والزهراء بفوقية، حيث إنها لا تسلّم أي شخص غير إيراني أو لبناني منصباً قيادياً، كما تحرص على إبقاء عناصر ميليشيات نبّل والزهراء وغيرهم من شيعة سوريا تحت إمرتها.
وفي كثير من الحالات كانوا يتعاملون بفوقية تامة، أبناء البلدة الذين يقاتلون في صفوفهم كانوا ممنوعين مهما علت مناصبهم، من حضور اجتماعات العمليات أو الاطلاع على المخططات العسكرية، كانوا وما زالوا لا يثقون بهم ومع ذلك فإنهم يستمرون في القتال لصالح إيران، يقاتلون لأجل مشروع طهران التي لا تأبه لقتلهم أو حرقهم أو تشريد أطفالهم.
وسبق أن اندلعت مواجهات عنيفة بين ميليشيات مدعومة من إيران داخل بلدتي نبّل والزهراء، وذلك على وقع فتوى تحريضية أصدرها مُفتي ميليشيا حزب الله، حرّض خلالها الشيعة الأجانب على نهب أموال الشيعة السوريين وسرقتها والاستيلاء عليها تحت مسمى دعم المجاهدين والمقاتلين، وهو ما أثار موجة غضب كبيرة تحولت لاحقاً لاشتباكات عنيفة بين الأطراف المسيطرة هناك.