سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
دفع الانهيار الاقتصادي، الذي كان أبرز أوجه الحرب السورية، نسبة كبيرة من الشباب إلى العزوف عن الزواج رغم حصولهم على شهادات جامعية، والتي من المفترض أن تمكّنهم من الحصول على فرص عمل لائقة وتزويدهم بدخل كافٍ للمعيشة، إلا أن التضخم المرتفع والارتفاع المستمر في الأسعار مقابل تآكل الرواتب والأجور أدى إلى حدوث فجوة كبيرة يصعب التغلب عليها.
يقول أحد الشباب:أحببت بنت الجيران منذ سنوات، هي أكملت تعليمها وأصبحت طالبة هندسة في السنة الثالثة، وأنا أيضا حاصل على شهادة معهد، لكنني فضلت العمل في المطاعم، والشوفيرية على سيارات الأجرة والسرافيس، لأن أجورها أفضل من الراتب الحكومي حقيقة يحكيها أحد الشباب .
وتختلف صور المَهر من مجتمع إلى آخر. ففي المجتمع السوري عادة ما يشترط أن يكون المَهر على شكل شراء كمية من الذهب للعروس، وتختلف كميته حسب قدرة الشاب المادية، وهذه العادة تختلف من منطقة إلى أخرى في سوريا، وفي بعض المناطق، يُشترط أن يكون المَهر على شكل مبالغ مالية محددة سلفا، وغالبا ما تتعلق بالحالة الاجتماعية، والوجاهة العائلية لأسرة العروس.
ومع ذلك، يبدو أن ارتفاع سعر الذهب إلى أعلى المستويات، وهو ما يفوق قدرة نسبة كبيرة من الشباب في البلاد اليوم، حيث تقوم العديد من الأُسر مؤخرا بتزويج بناتها بتكاليف أقل، نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية، وهناك آراء تشجع على إلغاء مسألة المَهر وحصره في شراء “المحابس” فقط للمقبلين على الزواج، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية لمعظم السوريين في الداخل، وتوخيا لتخفيف أعباء الزواج، وأن لا يكون المَهر عائقا أمام الزواج.
وتختلف قيمة المَهر؛ المقدّم والمؤخّر، تبعا للعروسين وبيئتهما ومستواهما المعيشي، ولكن بالحد الأدنى تتراوح المهور بين خمسة ملايين، إلى عشرة وعند بعض العوائل أكثر من المبلغ المذكور.
طلبات أهل الفتاة واقعية مقارنة بالواقع المعيشي، وهي طلبات بسيطة، لكن ظروفي الاقتصادية لا تسمح لي بجمع مثل هذا المبلغ بسهولة. فراتبي الشهري يكاد يصل إلى حوالي 700 ألف ليرة سورية، وأحيانا أكثر حسب العمل وتوافر الوقود بسهولة، إلى جانب وجود والدي وأمي وأخواتي، كوني عونا لهم في الحياة المعيشية اليومية، وفي كل شهر أدّخر حوالي 150 ألف من راتبي كي استطيع الزواج، وفي بعض الأشهر لا أدّخر منه شيئا، بسبب غلاء المعيشة في البلاد من كل حدب وصوب.
وإذا كان الشاب ، سيجمع مهره بالكامل، بالإضافة إلى تأمين حياته المستقبلية من خلال استئجار منزل وضروريات أخرى، فإنه سيحتاج إلى العمل لمدة عشر سنوات تقريبا، حتى يتمكن من الزواج، وإلا فإنه إما سيهاجر إلى الخارج مثل آلاف الشباب الذين هاجروا منذ سنوات عديدة، أو يبقى صبورا على هذا الوضع، لكن هذا لا يضمن أن الفتاة ستنتظره طوال هذه السنوات، ويردف في حديثه :لقد أتيحت لي فرصة السفر مرتين قبل الآن، الأولى إلى الدول الأوروبية والثانية للعمل في لبنان أو الأردن، لكنني رفضت، لأنني اعتقدت أن الوضع في البلد سيتحسن ويتحلحل، لكن للأسف كل عام يزداد سوءا وكل عام أندم على قراري هذا، كما أن أوضاع السوريين في دول مثل لبنان سيئة، وهذا كان أحد دوافع الرفض.