قصة من التاريخ المشرق

يقال أنه في يوم من الأيام استدعى أحد الخلفاء الكثير من شعراء مصر إلى مجلسه ،فصادفهم شاعر فقير بيده جرة فارغة ذاهباً إلى النهر ليملأها ماء فرافقهم إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم ولما رأى الرجل والجرة على كتفه ونظر إلى ثيابه الرثة.

قال : من أنت ؟ وما حاجتك ؟
فأنشد الرجل : ولما رأيت القوم شدوا رحالهم
إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي
فقال الخليفة : املأوا له الجرة ذهباً وفضة فحسده بعض الحاضرين وقالوا للخليفة : هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال وربما أتلفه وضيعه
فقال الخليفة : هو ماله يفعل به ما يشاء فملئت له جرته ذهباً وخرج إلى الباب ففرق المال لجميع الفقراء وبلغ الخليفة ذلك فاستدعاه وسأله عن ذلك
فقال : يجود علينا الخيرون بمالهم
ونحن بمال الخيرين نجـود
فأعجب الخليفة بجوابه وأمر أن تملأ جرته عشر مرات وقال : الحسنة بعشر أمثالها فأنشد الفقير هذه الأبيات الشعرية التي إلى يومنا الحاضر  يتم تداولها عبر مئات السنين
اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ
ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟﻞ
تقضى على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجات
ﻻ‌ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮوﻑ ﻋﻦ أﺣـﺪ
ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍلأ‌ﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ إﺫ ﺟﻌﻠﺖ
إﻟﻴﻚ ﻻ‌ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕ
ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ أموات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.