عرف الشعر العربي حالات كثيرة من أدب الحب عن النساء يعلنّ فيه جهارا مشاعرهن وكتب فيه الكثير من المجلدات ولم تكن الإشارة إلى شعر العشق في التراجم تحتاج تمهيداً أو مبررا ذلك أن غالبية المصنفين العرب تعاملوا مع الأثر الأدبي كما هو دون إقحام أي مبدأ يمكن له أن يعيق ترجمة النساء عشقاً وولهاً ومهما بلغت درجة المصارحة والمباشرة في بعض الأحيان.
وفيما عرف من العاشقات المشهورات ليلى العامرية حبيبة قيس بن الملوح وعلية بنت المهدي بن أبي جعفر المنصور التي تقول:
بُني الحبّ على الجور فلو أنصف المعشوق فيه لسمج
ليس يستحسن في حكم الهوى عاشق يحسِن تأليفَ الحجج
وهذه ليلى الأخيلية التي أحبت توبة وأحبها تقول فيه :
أتـتـه المنايـــا حيــن تم تمــــامه
وأقصر عن كل قرن يطاوله
وكان كليث الغاب يحمي عرينه
وترضـــى به أشبالــه وحلائلـه
غصوب، حليم حين يـطلب حلمـه
وسـم زعاف لا تصاب مقاتله
وهذه بثينة بنت حبا بن ثعلبة العذرية شاعرة اشتهرت بأخبارها مع جميل بن معمر وهو من قومها توفي قبلها فرثته بأبيات جميلة.
ومما قالته فيه:
توعدني قومي بقتلي وقتله
فقلت: اقتلوني وأخرجوه من الذنب
ولا تتبعوه بعد قتلي أذية
كفـى بالـذي يلقـاه مـن شــدة الحــب
وممن اللواتي برعن في شعر الغزل في هذا العصر أم الكرام بنت المعتصم بن صمادح وهي من شاعرات القرن الخامس الهجري فكانت تقول في حبيبها الذي كان أحد فتيان قصر أبيها:
ألا ليت شعري هل من سبيل لخلوة
ينزه عنــها سمـع كل مراقــــــب
ويا عجباً أشتاق خـلوة مـن غـدا
ومثواه ما بين الحشا والترائب
ونسب لليلى العامرية صاحبة قيس التي عاشت في فترة خلافة مروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان في القرن الأول من الهجرة في بادية العرب قولها:
لم يكن المجنون في حالة
إلا وقد كنت كمـا كانـا
لكنه باح بسر الهوى
وإنني قد ذبت كتمانا
ولها أيضاً قولها :
باح مجنون عامر بهواه
وكتمت الهوى فمت بوجدي
فإذا كان في القيامة نودي
من قتيل الهوى تقدمت وحدي
وفي العصر العباسي ظهرت بعض الشاعرات نذكر منهن :
أم الضحاك المحاربية فكانت أجرأحيث كانت تحب زوجها حباً جماً ولكنه طلقها فبالغت في تولهها فيه فقالت:
سألت المحبين الذين تحملوا
تباريح هذا الحب في سالف الدهر
فقالوا: شفاء الحب حب يزيله
لآخر أو نأي طويل على هجر
وهناك الخنساء بنت التيحان فقد أحبت جحوش الخفاجي حباً عذرياً وهي العاشقة القائلة:
إن لنا بالشام لو نستطيعه
خليلاً لنا يا تيحان مصافيـــــــا
نعد له الأيام من حب ذكره
ونحصي له يا تيحان اللياليــــا
فليت المطايا قد رفعنك مصعداً
تجوب بأيديها الحزون الفيافيا
وهناك ضاحية الهلالية شعرها من أرق شعر الغزل حيث تقول:
وإني لأنوي القصد ثم يردنــــي
عن القصد ميلات الهوى فأميل
وما وجد مسجون بصنعاء موثق
بساقية من حبس الأمير كبـــول
وما ليل مولى مسلم بجريــــــرة
له بعدما نام العيون عويـــــــــل
بأكثر مني لوعةً يوم راعني
فراق حبيب ما إليه سبيــــــــــل
وأيضا خيرة بنت أبي ضيغم البلوية عشقت ابن عم لها فعلم أهلها بذلك فحجبوها عنه فقالت شعراً تصف فيه مرارة الهجر
وبتنا خلاف الحي لا نحن منهم
ولا نحن بالأعداء مختلطان
نرجي يقيناً ساقط الطل والندى
من الليل بردا ليلةٍ عطران
نلوذ بذكر الله عنا من الصبا
إذا كان قلبانا به يجفان
ونصدر عن أمر العفاف وربما
نقعنا غليل النفس بالرشفان
فالأدب العربي غزير بالشاعرات اللاتي عشقن وتغزلن في من كنّ يهوين فلم يقف الغزل عند الرجال بل وصل إلى النساء.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح