يحكى أنه في أثناء مروره بأحد شوارع دمشق أمسك شاب بياقة قميص رئيس الجمهورية الأسبق شكري القوتلي وقال له: يا سيادة الرئيس بدنا حرية فأجابه القوتلي: يا ابني أنت ماسك قميص الرئيس وعم تصرخ بوجهو شو بدك حرية أكتر من هيك
لا يعرف مدى دقة هذه القصة في تاريخ سوريا السياسي لكن يكثر تداولها بين سوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل شبه يومي عن فترة سياسية ذهبية من عمر سوريا بين عام الاستقلال عن فرنسا ١٩٤٦ ووصول حزب البعث إلى السلطة ١٩٦٣
يفتح الاهتمام بتلك القصة باب التساؤل هل هو حنين للماضي وهروب من الواقع الذي يعيشه الشعب السوري أم طموح بإعادة الحياة السياسية والثقافية
تميزت فترة الخمسينيات من تاريخ سوريا أنها شهدت إلى ذلك الحين تداولًا للسلطة بين عدة شخصيات إذ وصل عدد من تولى الحكم من عام ١٩٢٢بعد الانتداب الفرنسي بعامين وصولًا إلى عام الوحدة مع مصر ١٩٥٨ إلى ١٢ رئيسًا بمن فيهم أصحاب الانقلابات العسكرية
إلى جانب تداول السلطة انتشرت الصحف السياسية التي امتلكت سقف حرية مرتفعًا وصل إلى حد السخرية من رئيس الجمهورية أديب الشيشكلي عام ١٩٥٣ تلك الحريات هي ما دعا له السوريون بعد أكثر من ٥٠ عامًا أي في الأشهر الأولى للثورة السورية فنظرة كثير من السوريين إلى الخمسينيات لا تنبع من كونها حنينًا فقط بل جاءت في بداية الثورة السورية كرد على ممارسات النظام السوري حينها انتشرت دعوات لمزيد من الحريات وتداول السلطة وذلك كله قبل المطالبة بإسقاط النظام بل كان يحمل العلم السوري الذي اكتسب اسم علم النظام لاحقًا
لكن بعد كل ما ارتكبه النظام السوري من جرائم وجد السوريون في أنفسهم نقيضًا للنظام وفي علم الاستقلال رمزًا لهذا النقيض خاصة أنه رمز وطني لكل السوريين فحتى عام ٢٠١١ كان علم الاستقلال موجودًا لدى مؤسسات النظام السوري ومعترفًا به عبر الطوابع البريدية أو برمز النسر الموجود على مبنى البريد في العاصمة السورية دمشق كما ظهر في احتفالات عيد الجلاء .