أشادت وكالة الأنباء الألمانية “دي دبليو” بنجاح اللاجئ السوري طارق سعد المنحدر من مدينة اللاذقية والذي قدم إلى ألمانيا بعد تعرضه لإصابة تعرض إليها أثناء تغطيته للحرب التي شنها رئيس النظام بشار الأسد على الشعب السوري الثائر.
وذكرت الوكالة نقلاً عن موقع “المهاجر نيوز” بأن الشاب السوري الذي دخل البلاد كلاجئ أصبح واحداً من ألمع السياسيين في ولايته، موضحة أنه كان يعمل صحفياً في سوريا بين عامي 2011 و 2013، وكان يتنقل بين المدن السورية موثقاً مشاهد الحرب المأساوية لحساب الجهة الإعلامية التي كان يعمل بها.
ويقول طارق إنه دفع نحو 2000 دولار على مرتين لأحد المهربين، الأولى لنقله إلى تركيا والثانية لنقله من تركيا إلى اليونان باستخدام قارب هوائي صغير، وخلال وجوده في اليونان سنحت له الفرصة للسفر إلى هامبورغ، وعند وصوله إلى المطار لم يكن معه أحد وكان صغيراً (20 عاماً) ولم يكن يعرف اللغة الألمانية، لكنه تعرفت إلى سيدة لبنانية في المطار أوصلته إلى قسم الشرطة وهناك قدم طلب لجوء تم قبوله بعد 6 أشهر”.
وقرر طارق الالتحاق بالجامعة ودراسة العلوم السياسية، وأكد أنه “لم يكن يرغب في دخول العمل السياسي في ألمانيا خاصة بعد التجربة المريرة التي عاشها في سوريا، لكن دعته سيدة ألمانية لحضور مظاهرة تندد بحركة بيغيدا اليمينية المتطرفة، وذهب وتعرف إلى الكثير من الأشخاص، وفجأة وجد أمامه رئيس وزراء الولاية (تسوستن البيش) وسط حشد من الصحافة والإعلام.. توجه إليه وقال له: “هل لديك فرصة للتدريب لمدة أسبوعين؟ ووافق ودعاه للحضور إلى مقر رئاسة وزراء ولاية شليسفغ هولشتاين.. ومن هنا بدأ طارق العمل في السياسة”.
بعد بدء التدريب في مقر مجلس الوزراء، تقدم طارق سعد بطلب للانضمام إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني SPD، ومن ثم قرر الالتحاق بالجامعة لدراسة العلوم السياسية.
ويقول الشاب السوري، إنه مع الوقت ومن خلال وجوده في الحزب بدأ يفهم أن أي تغيير يرغب الشخص في عمله يجب أن يتم من داخل الدوائر السياسية ومن خلال العمل الحزبي.. كنت أريد أن يكون وضعي أفضل في ألمانيا وإذا تحسن وضعي فسيكون الأمر أفضل كذلك لمن هم مثلي من ناحية المعيشة وحقوق المواطنة.. كان هدفي من الانضمام للحزب تغيير البرامج من الداخل بما يسهم في تحسين حياة الناس”.
وبعد انتهائه من الدراسة قرر طارق المشاركة في أنشطة الحزب بشكل فعال، وبدأ في التعامل مع قضايا الاندماج واللجوء والتنوع وترشح لمنصب داخل الحزب لتولي هذا الملف، وخلال عامين استطاع أن يجعل اسمه معروفاً داخل الحزب”.
وبسبب منصبه الحزبي، تمت دعوته لمجموعات نقاشية عن الهجرة واللجوء وكان دائم الظهور في الصحافة والإعلام، وكان مهتماً للغاية بتحسين وضع اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت شتيفتونغ ووضع مع المؤسسة خطة عمل لمدة 10 سنوات حتى يشعر من جاء هنا منذ عام 2015 أن هذا قد أصبح وطنهم بالفعل”.
تقدم بمقترحات لتعديل قوانين اللجوء منها مثلاً أن يحصل الشخص على الإقامة الدائمة بعد 3 سنوات من الوصول إلى ألمانيا وأن يكون التجنيس بعد 5 سنوات وليس 8 سنوات، وصل إلى رئيس الوزراء أولاف شولتس ووضع مقترحاته ضمن برامج عمل الحزب.
وبعدها قرر طارق العمل على ملف الطاقة المتجددة وهو الملف الذي أسهم فيه بشكل فعال حتى اليوم.
قرر الشاب القادم من سوريا أن يخطو خطوة إضافية في العمل السياسي، وأن يترشح عن الحزب لدخول برلمان الولاية.
أردف طارق: “الآن لدينا نحو 45 شخصاً من داخل حزب SPD مرشحون لخوض الانتخابات البرلمانية لولاية شليسفغ هولشتاين أنا أحدهم لكني الوحيد من أصل سوري بينهم وهذا دليل على انفتاح ألمانيا”.
ورغم حصوله على الجنسية الألمانية وانخراطه في العمل السياسي ودخوله في أروقة صناعة القرار بألمانيا، لكن السياسي السوري الشاب لم ينس بلاده يوماً. يقول: “من الصعب جداً أن أفكر في العودة طالما استمر ديكتاتور يحكم ولا توجد أدنى فرصة لإقامة نظام ديمقراطي لكن إن حدث تغيير لبناء نظام سياسي جديد فمن الأكيد أني سأكون واحداً ممن لديهم خبرة سياسية قد تكون مفيدة للغاية في هذا السياق وهنا قد أعود وأساعد في البناء”
ويضيف طارق: “صحيح أنني أقيم هنا وأعمل من أجل المجتمع الذي أعيش فيه لكني لم أنس أبداً من أنا ولا من أين جئت”.
وكالات