سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
يعتبر رفعت الأسد أكبر قاتل وسارق في عصر سوريا الحديث فقد نقلت الشرق الأوسط عن مؤرخين، فإنه كان هناك مستويان للصراع في سوريا بين حافظ ورفعت من جهة، وبين صلاح جديد ومدير مخابراته عبد الكريم الجندي من جهة ثانية. أصبح رفعت قائدا لـ“سرايا الدفاع“، وهي قوة نخبوية من 40 ألف جندي، كانت بمثابة “جيش مستقل” لا يرتبط بأي شكل بالجيش.
رفعت الأسد كان يمثل الذراع الأمنية الأشد بطشا، بيد شقيقه حافظ الأسد في مواجهة معارضيه، إلى أن تعرض الأخير لوعكة صحية أواخر العام 1983، أدخل على إثرها إلى المستشفى، ما استدعى تشكيل لجنة سداسية لإدارة البلاد من قبل حافظ الأسد، ضمت رئيس الوزراء عبد الرؤوف الكسم، ووزير الدفاع مصطفى طلاس، ووزير الخارجية عبد الحليم خدام، وهي المحطة التي بدأ من خلالها رفعت التخطيط للسيطرة على الحكم. تجلّى الخلاف بين الشقيقين عندما رفض رفعت الأسد، الذي كان برتبة لواء وعضوا في القيادة القطرية لحزب البعث، اللجنة.
بحسب أوراق لنائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، فقد اجتمع الأخير مع الرئيس حافظ الأسد، وقال خدام في أوراقه: “خلال حديثنا عن الوضع، قلت له: الحملة كبيرة على رفعت، وهذه الحملة تضعف النظام، لذلك لا بد من معالجة وضع رفعت، فأجابني: رفعت مخرز في عيون الرجعية، فأجبته: سنرى في المستقبل سيكون مخرزا في قلب من“.
كان رفعت يتدخل بشؤون الدولة، ويعطي توجيهات لرئيس الوزراء محمد علي حلبي الذي لم يكن يتجرأ على ردعه. ويضيف: “كان توجه الرئيس إلى توريث شقيقه، غير أن رفعت ارتكب خطيئة كبيرة عندما حاول الانقلاب على شقيقه خلال مرضه في تشرين الثاني/نوفمبر 1983”.
بعد سلسلة من التطورات التي وسعت نفوذ رفعت، بدأ حافظ الأسد بالرد في شباط/فبراير 1984، فأمر بالقبض على أحد أتباع رفعت، وهو مساعده الأمني العقيد سليم بركات، وبعث برسالة إلى رفعت عبر أخيه الآخر جميل، يقول فيها: “أنا أخوك الأكبر الذي عليك حق طاعته، ولا تنسَ أنني أنا الذي صنعتك“.
في آذار/مارس من العام 1984، أعلن رفعت الأسد عن تمرد جديد، بعد انتزاع قيادة “سرايا الدفاع”، مستفيدا من ولاء بعض الضباط في السلطة، وردا على ذلك، أمر حافظ الأسد بنشر الجيش في دمشق، في أكبر حشد عسكري تشهده العاصمة خلال حكمه.
وبحسب وزير الدفاع حينها العماد مصطفى طلاس الذي كتب في مذكراته بأن حافظ الأسد توجه بمفرده إلى مقر شقيقه وقال له: “هل تريد إسقاط النظام؟ ها أنا ذا، أنا النظام!“، ثم عرض على شقيقه مخرجا، متعهدا باحترام كرامته ودعم مصالحه، والخروج الآمن إلى منفى يختاره، ولن يُقبض عليه.
لكن لتجنب المواجهة، أجرى حافظ الأسد اتصالات سرية مع قيادات في “سرايا الدفاع”، من بينهم اللواء بهجت سليمان، الذي سيتولى لاحقا منصب مدير المخابرات العامة، ونجح في منع تحرك آليات وعناصر رفعت.
وخلال لقاء خدام بحافظ الأسد في منزله لمناقشة المشاركة في مؤتمر القمة في عمّان نهاية تشرين الثاني/نوفمبر قال الأسد: “أفكر في تعيين نائب للرئيس من أجل الاستمرارية، إذ إنه لا يعرف الإنسان متى يأتي الأجل“.
في أواخر نيسان/أبريل من عام 1984 “بدأ العميد رفعت يشعر أن ميزان القوى قد مال لصالح شقيقه الرئيس لدرجة لم تعد تسمح له بالحركة إطلاقا، فاتصل بشقيقه جميل الأسد، ليمهد له المصالحة مع أخيه“.
وفي 28 أيار/مايو 1984، توجهت طائرة إلى موسكو مليئة بأكبر ضباطه (بمن فيهم رفعت) لفترة تهدئة، ثم تم استدعاؤهم واحدا تلو الآخر إلى سوريا، وترك رفعت وحيدا في المنفى.
أواخر عام 2021 أعلنت وسائل إعلام محلية؛ أن رفعت الأسد، وصل، إلى دمشق قادما من إسبانيا، بهدف منع سجنه في فرنسا بعد صدور حكم قضائي بحقه، وبعد مصادرة ممتلكاته وأمواله في إسبانيا أيضا.
وأفادت صحيفة “الوطن” المحلية حينها، ، بأن عودة رفعت إلى سوريا، تأتي في إطار “ترفّع الرئيس الأسد، عمّا فعله وقاله رفعت“ دون أن يكون هناك دور سياسي واجتماعي لرفعت الأسد.