سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
في مناطق سيطرة النظام عاش المواطن السوري خيبة أمل كبيرة، بعدما أوهمتهم وسائل الإعلام على طول الأيام الماضية، بأن هناك زيادة في الرواتب سيتم إصدارها قبل العيد مباشرة.
حتى أن المحللين الاقتصاديين ذهبوا أبعد من ذلك وراحوا يتنافسون فيما بينهم حول نسبة الزيادة وسبل تغطيتها. منهم من رأى أنها ستكون كبيرة وتتجاوز المئة بالمئة، أما البعض الآخر قال بأنها لن تزيد عن الخمسين بالمئة. فلماذا لم يصدر النظام السوري هذه الزيادة قبل العيد، أو على الأقل منحة مالية على غرار ما حدث في عيد الفطرالماضي.
من جهة أخرى، فمن المسؤول المباشر عن ترويج مثل هذه الشائعات، التي لا شك تعتبر من أخطر ما يتلاعب بمشاعر السوريين في هذه الفترة، بسبب ما يعانونه من أوضاع معيشية صعبة بسبب تراجع القدرة الشرائية للدخل الشهري، الذي لم يعد يكفي لمعيشة يوم واحد لأسرة مكونة من خمسة أشخاص.
فعند متابعة تصريحات المسؤولين المباشرين في النظام السوري خلال الفترة المنصرمة، وخصوصا رئيس الوزراء ووزير المالية، سيجد أنهم أشاروا في أكثر من مرة بأن موضوع زيادة الرواتب يجري دراسته باستمرار وهو محط اهتمام الحكومة دائماً، لكن أياً منهم لم يحدد موعداً لهذه الزيادة أو قرب صدورها، بما في ذلك نسبتها ولو بالتلميح، وانطلقت الشائعة من بعض أعضاء مجلس الشعب الذين روجوا لمعلومات قالوا إن مسؤولين صرحوا بها تحت قبة المجلس، وأكدوا فيها أن زيادة الرواتب باتت قريبة وبأنها سوف تكون كبيرة ومجزية.
فمصدر الشائعة الأساسي هو العضو ورئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب، محمد زهير تيناوي، الذي صرح لأكثر من وسيلة إعلام بأن زيادة الرواتب تم الانتهاء منها وهي تنتظر اللمسات الأخيرة لإصدارها من قبل رئيس النظام السوري، أما قصة صدورها قبل عيد الأضحى الجاري، فهي من توقعات المحللين الذين استندوا إلى تصريحات تيناوي وتأكيداته بأن الزيادة قادمة لا ريب فيها، لذلك رأوا أن أنسب وقت لصدورها هو قبل العيد، لكي تصبح الفرحة، فرحتان، كما يدعون خصوصا وأن النظام السوري يحرص بالفعل على إفراح شعبه، كما يدعي مسؤوليه.
وأكثر ما يدعو للتهكم هو في نقاش زيادة الرواتب، هو الحديث حول نسبتها وسبل تغطيتها، حتى لا تنعكس بالسلب على الأسعار. فقد خرج أكثر من فريق وأكثر من رأي، بعضهم رفض موضوع الزيادة من الأساس واعتبره طامة كبرى سوف تحل على المواطن السوري، لأنه لا يوجد مصادر لتغطيتها من عوائد الاقتصاد السوري، وبالتالي سوف تلجأ الحكومة للمصرف المركزي وتغطيها بالتضخم، الأمر الذي سوف يكون لها منعكسات سلبية كبيرة على وضع الليرة السورية والأسعار. لكن رأى البعض الآخر أن الحكومة تستطيع تغطية زيادة معقولة بين 40 و50 بالمئة، من خلال ما تعلنه عن زيادة كميات التصدير، التي بوسعها أن تغطي هذه النسبة الممكنة من الزيادة.
وأطلقت شائعة خاصة تقول إن إحدى الدول الخليجية، ويقصدون السعودية، طلبت من بشار الأسد أن يزيد الرواتب بشكل مجزي وتعهدت بتغطية الزيادة لمدة عام على الأقل، إلى أن يستعيد الاقتصاد السوري عافيته الكاملة كمايدعون.
فما كانت تتداوله وسائل الإعلام عن وجود زيادة مرتقبة على الرواتب إنما كان وسيلة ضغط على النظام، لعله سيستحي على حاله ويستجيب لهذا الضغط. هذا ربما يفسر لماذا لم يستحي النظام على حاله ويستجيب لهذه الآهات التي ملأت وسائل الإعلام والتي تناشد سيادته أن يصدر أي زيادة على الرواتب، مهما كانت نسبتها، المهم أن يشعروا أن هناك من يشعر بهم وبآلامهم ويتفاعل معها، فما يغيظهم هو هذا التنطيش الكامل وكأن الشعب السوري لم يعد موجوداً في حسابات بشار الأسد وحاشيته من المسؤولين والحرامية .