تغيير سلوك النظام، وتعويمه مسؤوليتنا، وثيقة أردنية سرية تكشف الوفاق الروسي الأمريكي حولها.

لم تكن الجولات التي قام بها العاهل الأردني لروسيا وقبلها الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أخرى عبارة عن زيارات رسمية تحمل مقترحات روتينية وإنما كانت تحمل خارطة طريق جديدة لم تظهر للعلن في حينها بما تضمنته من تفاصيل، في حين كشفت صحيفة الشرق الأوسط، عن وثيقة سرية أردنية اقترحت مقاربة جديدة للتعامل مع النظام السوري،

تتضمن تغييراً متدرجاً لسلوك النظام، وانسحاب القوات الأجنبية من سوريا، والاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا في هذا البلد. وقال مسؤول غربي رفيع المستوى للصحيفة، السبت، إن الملك الأردني عبد الله الثاني ناقش الوثيقة مع الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته مؤخراً للبلدين، كما نوقشت بقمة بغداد لدول الجوار في آب الماضي، مشيراً إلى أن بعض الخطوات التطبيعية التي جرت مؤخراً تلامس هذه المقاربة الجديدة أو مستوحاة من روحها.

وأضاف المسؤول أن الوثيقة انطلقت من فشل مقاربة الأزمة السورية خلال السنوات العشر الأخيرة في جميع الجوانب التي تخص السوريين، والجيوسياسية والإرهاب.

وأشار إلى أن الوثيقة انتهت إلى الاستنتاج بأن إيران تتمتع بنفوذ عسكري واقتصادي متزايد على النظام ومناطق مختلفة من البلاد، وخصوصاً جنوب غربي سوريا، حيث تزدهر تجارة المخدرات التي تشكل مصدر تمويل رئيسياً لميليشيات إيران، ما يشكل تهديداً للمنطقة وما وراءها.

ولفت المسؤول إلى أن الوثيقة اقترحت مقاربة جديدة تركز على الحل السياسي في سوريا وفق القرار الدولي 2254، ومعالجة الأزمة الإنسانية ومنعكساتها الأمنية في سوريا والجوار، وذلك بناء على سلسلة خطوات تراكمية، تركز على محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ الإيراني.

وأكد أن هذه المقاربة تهدف إلى تغيير سلوك النظام تدريجياً، مقابل حوافز تنعكس إيجاباً على الشعب السوري وعودة اللاجئين والنازحين، وفق قوله.

ولم تحدد الوثيقة جدولاً زمنياً واضحاً للتنفيذ، ولا الموقف من وجود روسيا العسكري في سوريا، كما لم تعالج قول النظام إن وجود إيران وميليشياتها في سوريا جاء بطلب حكومي رسمي، بحسب المسؤول الغربي.

وتطرقت الصحيفة إلى عدد من العقبات التي تعترض هذه المقاربة، من بينها الانقسام إزاء الانخراط مع النظام، وعدم وجود إجماع عربي لعودة النظام للجامعة العربية، وعدم حصول تقدم بالحل السياسي، وتمسك أمريكا ودول أوروبية بثلاث أدوات ضغط، هي العقوبات، العزلة، وتمويل الإعمار، إضافة إلى قانون قيصر.

وأوضحت أن أحد المقترحات ينص على أن ينفذ الأردن انخراطاً اختبارياً مع النظام قبل توسيع الاتصالات معه، مضيفة أن الخبراء القائمين على الوثيقة عكفوا على صياغة خريطة تنفيذية لـمقاربة خطوة مقابل خطوة، تتضمن الملفات المطروحة والموقف المطلوب من النظام، والعرض المقدم من الأطراف الأخرى.

وتتضمن الاقتراحات أن يكون الطلب الأولي انسحاب كل العناصر غير السورية من خطوط التماس، ثم انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت بعد العام 2011، مقابل انسحاب القوات الأميركية وتفكيك قاعدة التنف، وفتح قنوات للتنسيق بين جيش النظام والقوات الأمنية من جهة، ونظيراتها في الدول المجاورة لضمان أمن الحدود، وهذا يدل على أن الأردن تشعر بالقلق الشديد من تزايد النفوذ الإيراني المرتبط بتعقيدات المشهد السياسي في سوريا وحجم ارتباطاته بالدول الفاعلة على الأرض مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، فكان لابد من إيجاد نقاط تقارب ترضي الأردن وتضمن سلامة حدوده وعدم خسارة كل من امريكا وروسيا لمصالحهم ولو بالحد الأدنى.

بقلم صدام السوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.