تجنيد الأطفال في شمال شرق سوريا: أزمة إنسانية مستمرة
تشهد مناطق شمال شرق سوريا تحت سيطرة الإدارة الذاتية، التي تقودها القوات الكردية، أزمة إنسانية خطيرة تتمثل في استمرار تجنيد الأطفال للقتال ضمن مجموعات مسلحة. حركة الشبيبة الثورية في سوريا، التي تُعتبر جزءًا من البنية السياسية والعسكرية للإدارة الذاتية، متورطة بشكل كبير في هذه الممارسة، التي تعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية.
تجنيد الأطفال: تهديد للطفولة
تُجنّد حركة الشبيبة الثورية فتيانًا وفتيات لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا، وتحرمهم من طفولتهم وحقهم في التعليم. هؤلاء الأطفال يتم اقتلاعهم من مدارسهم وعائلاتهم، ويتم تلقينهم أيديولوجيًا ثم نقلهم إلى مجموعات مسلحة مثل وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، رغم التزام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بإنهاء تجنيد الأطفال وفق خطة عمل مع الأمم المتحدة.
وفقًا لتقارير هيومن رايتس ووتش، فإن حركة الشبيبة الثورية لم تتوقف عن تجنيد الأطفال رغم التحذيرات والالتزامات الدولية. كما تُظهر شهادات العائلات، التي فقدت أطفالها، أن هذه الحركة تمنع أي تواصل بين الأطفال وعائلاتهم، ويُحتمل أن يتم نقل هؤلاء الأطفال إلى مواقع تدريب عسكرية، مثل جبال قنديل في العراق.
لقراءة التقرير كاملا :
https://www.hrw.org/ar/news/2024/10/02/northeast-syria-military-recruitment-children-persists
انتهاك القانون الدولي
تجنيد الأطفال دون سن الـ 15 يُعد جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما أن البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل يحظر على المجموعات المسلحة غير الحكومية تجنيد الأطفال تحت سن الـ 18. ورغم ذلك، يستمر تجنيد الأطفال من قبل حركة الشبيبة الثورية تحت غطاء الدعم الأيديولوجي والعسكري.
المسؤولية الدولية
تتحمل قوات سوريا الديمقراطية مسؤولية مباشرة عن تجنيد الأطفال في مناطق سيطرتها. ورغم الجهود السابقة التي بذلتها قسد لإنهاء هذه الممارسة، إلا أن تقارير الأمم المتحدة المتعاقبة تُظهر تراجعًا خطيرًا في تطبيق التدابير التصحيحية، خاصة في السنوات الأخيرة.
في عام 2022، ارتفع عدد الأطفال المجندين إلى 637 حالة مؤكدة، بينما انخفض عدد الأطفال الذين تم تسريحهم إلى 33 فقط. هذا التراجع يشير إلى فشل في الالتزام الجدي بإنهاء تجنيد الأطفال.
ماذا بعد؟
هيومن رايتس ووتش دعت المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة التي تدعم قسد عسكريًا، إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة لإنهاء تجنيد الأطفال. على الولايات المتحدة استخدام نفوذها للضغط على الإدارة الذاتية وقسد لوقف هذه الانتهاكات وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
من الضروري أن تلتزم قسد بوعودها بإعادة جميع الأطفال المجندين إلى عائلاتهم وتقديم الدعم النفسي والطبي لهم. كما يجب تعزيز أنظمة الرقابة لضمان عدم تكرار هذه الممارسات.
دعوة للتضامن
الأطفال في شمال شرق سوريا يحتاجون إلى حماية دولية عاجلة. تجنيدهم للقتال ينتهك حقوقهم ويعرضهم لمستقبل مليء بالصدمات النفسية والجسدية. يجب على المجتمع الدولي التحرك فورًا لحماية هؤلاء الأطفال من هذا المصير المظلم.