سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
الليرة السورية غير مستقرة منذ اعوام ، وخلال الآونة الأخيرة تراجعت بشكل مهول، حتى بات الدولار الواحد يساوي 8815 ليرة سورية، وللأسف مع كل تراجع لليرة يرافقها ارتفاع في الأسعار ومنها المواصلات، خاصة وأن سائقي وسائل النقل، يضطرون للحصول على المواد النفطية عبر حكومة النظام، وذلك بأسعار مدعومة في محاولة من الحكومة خفض تكاليف التشغيل، لتقديم خدمات المواصلات بأقل سعر ممكن للمواطن، إلا أن أصحاب السيارات يؤكدون باستمرار أنهم لا يحصلون على كميات كافية لعملهم اليومي.
حكومة النظام السوري عمدت مؤخرا، إلى توفير المحروقات التي تُمنح بشكل دوري لسائقي وسائل النقل، في المقابل يشتكي السائقون من القرارات الحكومية التي تحاصرهم وتدفعهم ربما لترك المهنة، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد النفطية في السوق السوداء إلى أرقام خيالية.
التضييق على سائقي وسائل النقل، يتم عبر العديد من الوسائل، أبرزها إجبار السائقين على تركيب أجهزة تحديد المواقع ودفع رسومها لمراقبة تحرك السيارات، وقد أكد عضو “المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات والتجارة” بمحافظة دمشق قيس رمضان، أنه سيجري تركيب أجهزة التتبع لسيارات الأجرة، خلال فترة شهر.
رمضان هدد في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية مؤخرا، من يمتنع عن تركيب أجهزة التّتبع من سائقي وسائل النقل، بحرمانه من كميات البنزين المخصصة له، موضحا أنه تجري دراسة الآلية المتّبعة للتزويد حسب المسافة التي تقطعها المركبة.
سعر لتر المازوت في السوق السوداء بسوريا يزيد عن 10 آلاف ليرة والبنزين 12 ألف، ذلك ما يجعل اعتماد سائقي وسائل النقل على الشراء الحر للمحروقات أمرا مستحيلا، في وقت يحصل السائقون على المحروقات المدعومة للحكومة بأسعار 6800 و6600 للمازوت والبنزين على التوالي، لكن بكميات محدودة جدا.
هذا وتشهد دمشق بداية أزمة محروقات جديدة وتفاقما بأزمة المواصلات العامة، حيث يتوقف سائقو وسائل النقل لساعات أمام محطات الوقود، حيث أن مخصصات السيارات العمومية لا تكفي، مما يجبر السائقين على شراء الوقود بالسعر الحر غير المدعوم إن توفر أو الشراء من السوق السوداء، وبذلك ترتفع أجرة النقل ليكون المواطن هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، وفق تقارير محلية، مؤخرا.
في سوريا، البلد الغارق في الفساد والأزمات، يبدو أن العديد من الأعمال غير القانونية تحدث أمام أعين الحكومة دون أي رقابة أو محاسبة. ولعل أبرز هذه الأعمال هو بيع المحروقات وتحديدا مادة البنزين على البسطات في الطرقات العامة والشوارع الفرعية والأسواق، وحتى مؤخرا انتشرت بسطات بيع البنزين اللبناني المهرَّب علنا وبكثافة في طرقات العاصمة دمشق ولا سيما الرئيسية منها، بحيث باتت شبيهة بالأسواق الأخرى، وسط غضّ الطرف من قبل السلطات هناك.
هذا فضلا عن ضبط مئات المخالفات بحق أصحاب محطات الوقود، نتيجة فسادهم في عمليات بيع وتهريب المازوت والبنزين. تقرير سابق لصحيفة تشرين الموالية، نشر مؤخرا، قال فيه إنه ثمة بنزين مهرّب، كما يؤكد معظم السائقين، انتشر مؤخرا عبر عبوات بلاستيكية سعة 20 لترا مليئة بالبنزين الأخضر، وتُباع على أطراف بعض الطرقات من قِبل الشباب وأحيانا يتم البيع من قِبل الأطفال بسعر 200 ألف ليرة للعبوة الواحدة.
الصحيفة المحلية تقول إنها ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها مثل هذه الظاهرة، فكلما حصلت أزمة في المحروقات ينتشر بيع هذا البنزين، كما يؤكد أحد سائقي سيارات الأجرة، الذي تبيّن له من خلال خبرته كسائق، أن البنزين الأخضر غير مرغوب بتعبئته أثناء العمل على السيارة فهو يتطاير بسرعة شديدة، على عكس البنزين السوري الأصفر الذي يقطع فيه السائق كيلومترات أكثر بكثير من الأخضر.
مطلع كانون الأول الماضي، عصفت بمناطق النظام السوري، أزمة محروقات حادة والتي اعتُبرت الأقسى منذ سنوات، حيث ارتفعت أجور النقل والمواصلات بشكل كبير، لدرجة أن تكاليف النقل للذهاب إلى العمل باتت متساوية لقيمة راتب الموظف الحكومي، وعلى إثرها نشطت السوق السوداء بشكل كبير حتى وصل سعر لتر البنزين إلى أكثر من 15 ألف ليرة سورية، لكنه تراجع مؤخرا إلى نحو 8 آلاف بعد أن خفّت الأزمة نسبيا، بعد تحسّن التوريدات وانتظام وصول كميات من النفط الخام إلى ميناء بانياس في الساحل السوري.