سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
يعيش معظم السوريين داخل سوريا في ظروف معيشية صعبة، حيث يحتاج أغلبهم إلى المساعدة، ويعتمدون على المساعدات أو الحوالات الخارجية، فضلا عن تدهور الخدمات العامة كالكهرباء، والمياه، ونقص المحروقات، والغاز، وارتفاع الأسعار بشكل شبه يومي، الأمر الذي ينذر بتزايد شدة الأزمات الاقتصادية في سوريا، مع استمرار سياسات الحكومة غير المدروسة، وعدم قدرتها على فعل أي شيء أصلا.
فقد شهدت الأشهر الماضية عدة تغييرات في أرقام الاقتصاد السوري الذي اتجه نحو التراجع مقابل قفزات هائلة في الأسعار، ولا يمكن التوقع إلى أين ستتجه بعد ذلك وكيف ومتى سيتم ضبطها. وعلى الرغم من تطمينات المسؤولين في كل بقاع سوريا وتقديم حلول للسيطرة على الظروف المعيشية التي تنزلق أكثر فأكثر نحو الهاوية، فقد أصبح المواطن السوري مدركا تماما أن هذه التطمينات غير مجدية.
وماموجة الهجرة التي تشهدها البلاد من أقصى الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب سوى أدلة على سوء الوضع المعيشي.
ومن خلال تصريحات رئيس “هيئة الأوراق المالية والأسواق المالية” في النظام السوري ، عابد فضلية، قال فيها إنه من الصعب تحقيق “المطالب المحقة” في زيادة الرواتب وتحسين الدخل، لكن يمكن زيادة القوة الشرائية من خلال التوجه نحو الإنتاج السلعي الحقيقي الزراعي. ما يطرح التساؤل باعتباره اعترافا واضحا وصريحا بتدهور الأوضاع المعيشية للسوريين خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن الإنتاج الزراعي لا يمكن تطويره في سوريا في ظل ضعف الحكومة، وغياب البنية التحتية المناسبة.
رئيس “هيئة الأوراق والأسواق المالية” في دمشق عابد فضلية، أشار في حديث لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، قبل يومين، إلى استمرار دعم استيراد المواد الغذائية بشكل أوسع، “ما يعني أن مزيدا من القطع أصبح متوفر بيد الجهات المعنية، ووقف تمويل استيراد بعض المواد”، وفق زعمه.
وأكد فضلية، أن قائمة المستوردات التي تغطيها الدولة بالقطع الأجنبي تقلصت من 60 مادة، قبل ثلاث سنوات حتى تصل لحدها الأدنى اليوم، معتبرا أن “تقليص استيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية يؤدي إلى توقف الأنشطة الإنتاجية”.
ووسط تصريحات لمسؤولين في النظام ، التي تعترف بعدم قدرتها على وضع حد لهذا الغلاء، والتضييق المعيشي، وتدني الرواتب والمداخيل بشكل عام، خاصة بعد أن رفعت مؤخرا الدعم عن شرائح واسعة من السوريين. يرى الباحث الاقتصادي، رضوان الدبس، أن “هذا التصريح هو تصريح رسمي، أي أننا نسمع اليوم كلاما من مسؤول حكومي رسمي، فلا مجال للمواربة أو الأخذ والتعامل، وهو مسؤول مصرفي أو اقتصادي، لذلك يتحدث من ناحية طبيعة
عمله، وعندما يصرح بصعوبة تحقيق الدخل وزيادة الرواتب إلا بزيادة الإنتاج الزراعي، فهو اعتراف ضمني من قبل النظام السوري، بأنه “مقصر بعملية زيادة الرواتب وتقديم الدعم، وأن المواطن يتحمل هذا الضغط”.
فالمسؤول يقر أيضا، بأن “المطالب محقة”، لكن النظام لا يملك إمكانية زيادة الرواتب أو تحسين الوضع المعيشي، وهو ما يشبه إعلان العجز والإفلاس أو تحقيق شيء إيجابي على صعيد الواقع المعيشي في البلاد.
وأما في إطار التوجه لزيادة الإنتاج الزراعي لتحسين الدخل، وصف الباحث الاقتصادي، رضوان الدبس، هذا التصريح الحكومي بأنه “متناقض”، مستغربا ذلك بالقول: “كيف يقدم مسؤول النظام هكذا حل في حين أن النظام السوري رفع قبل أسبوع فقط الدعم عن الأسمدة الزراعية، والمشتقات النفطية عن القطاع الزراعي، ما يعني أن هذه التصريحات، وبالتالي سينخفض الإنتاج الزراعي يوما بعد يوم”.
وعزا الدبس تضارب التصريحات لمسؤولين النظام إلى وجود صراع بين المسؤولين، وأن كل منهم يسعى لإظهار نفسه أنه يقدم حلولا للأزمات المتفاقمة في البلاد.
وإن هذه التصريحات تشير إلى اعتراف النظام بشكل أو بآخر بعجزها عن تأمين أبسط مقومات الحياة اليومية للمواطنين، مما يشير أيضا إلى تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد أكثر فأكثر، خاصة وأن الحكومة السورية ما زالت غير قادرة على إيجاد حلول لأبسط مقومات الحياة مثل الكهرباء، والمياه، والمحروقات، والغاز، والخبز وغيرها من أمور الحياة اليومية في البلاد.