سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
ذكرت وكالة رويترز اليوم بأن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم رئيس النظام #بشار_الأسد دعوة رسمية لحضور القمة العربية يوم 19 أيار في الرياض.
يستغرب الشارع العربي عامة والشعب السوري خاصة كيف مر الموقف الخليجي عموما من الثورة السورية بثلاثة تحولات، تميز الأول بالدعوة إلى الإصلاح والحوار، ثم تقديم حل عربي، ثم نزع الشرعية عن الأسد ودعوته إلى التنحي، ثم المطالبة بالتدخل الدولي وتسليح المعارضة
قبيل الثورة التي شهدتها سوريا منذ 15آذار 2011، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 700 ألف قتيل و250 ألف جريح و 10مليون لاجئا داخليا وخارجيا وأغلب الشعب السوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة داخل البلاد، فاصبح تحت خط الفقر.
تفاوتت علاقات دول مجلس التعاون مع النظام السوري قوة وضعفًا ،فعلى سبيل المثال رغم اختلاف قراءة الطرفين للأحداث بمنطقة الشرق الأوسط، ولاسيما فيما يخص العلاقات بإيران و ميليشيا حزب الله في لبنان، فقد حافظت دول الخليج على علاقات قوية مع دمشق في ظل حكم حافظ الأسد انطلاقًا من إدراكها أن سوريا إحدى الركائز التي يقوم عليها النظام الإقليمي العربي، ووصلت العلاقات بينهما إلى قمتها أثناء أزمة اجتياح العراق للكويت عام 1990 حين انضمت سوريا إلى التحالف الدولي لتحرير الكويت، فكان من نتائج هذه المشاركة إيجاد صيغة للتعاون والتنسيق السياسي والأمني بين سوريا ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي في إطار ما يُسَمَّى بإعلان دمشق، وهي الصيغة التي لم يكتب لها النجاح.
وبعد وفاة حافظ الأسد عام 2000 واستيلاء ابنه بشار الحكم تراجعت العلاقات بفعل زيادة توطيد بشار لعلاقاته مع إيران على حساب علاقات ومصالح سوريا المشتركة مع دول الخليج المستهدفة مباشرة من إيران، وكذلك أيضًا تراجعت العلاقات بسبب تدخل الأسد الواضح في لبنان، ذي الأهمية الخاصة بالنسبة للسعودية، وذلك من خلال الدعم السوري العسكري والمعنوي لميليشيا حزب الله وبالتدخل كما حصل عام 2004 على خلفية اغتيال رفيق الحريري في شباط 2005، زاد التوتر بين دمشق والرياض وانعكس في أحد جوانبه على ضعف حجم الاستثمارات السعودية في سوريا والذي وصل إلى 2 مليار دولار فقط، وذلك مقارنة باستثمارات دول الخليج الأخرى في سوريا، غير أن هذا لم يمنع من وجود اتصالات فاترة وتنسيق في بعض القضايا، وهو ما تجسد في قيام بشار خلال العامين 2009 و2010 بثلاث زيارات إلى الرياض في مقابل استقبال دمشق للملك عبدالله مرتين خلال الفترة نفسها.
وفي مقابل ذلك، وُصِفت العلاقات بين قطر وسوريا بأنها علاقات تحالف إستراتيجي، عكستها الزيارات العديدة وتبادل وجهات النظر حول كثير من القضايا بين القيادات والمسؤولين في البلدين، وبلغ حجم الاستثمارات القطرية بسوريا حوالي 5 مليارات دولار، كما كان لقطر جهودها في إنهاء عزلة دمشق بعد اتهامها باغتيال رفيق الحريري.
هذا التباين في حجم العلاقات وقوتها وضعفها وغلبة جانب على الآخر السياسي على الاقتصادي أو العكس، لعب دورًا محوريًّا في تشكيل طبيعة ورؤية كل دولة من دول مجلس التعاون تجاه الأزمة السورية وتطوراتها وطريقة التعاطي معها سواء على المستوى الجماعي في إطار مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة أو على المستوى الفردي، وهو ما تسعى هذه الدراسة إلى مناقشته، من خلال ثلاثة محاور يركز الأول والثاني على تطور مواقف دول المجلس من الأزمة جماعيًّا وقطريًّا، فيما يعرض الثالث لرؤية تقييمية لأداء دول المجلس في إدارتها للأزمة والسيناريوهات المتاحة أمام دول مجلس التعاون للتعامل مستقبلاً مع الثورة السورية.
عقدت دول المجلس 9 اجتماعات منها 3 على مستوى القمة و6 على المستوى الوزاري، منذ بدء الثورة السورية في آذار 2011، ويُلاحَظ على مستوى القمة أنه لم تتم الإشارة إلى الثورة السورية في قمة أيار 2011 التشاورية؛ أي بعد اندلاع الثورة بشهرين، وذلك بسبب توقع الدول الخليجية أن النظام السوري قد يتمكن من احتوائها، إلى أن صدرت المبادرة العربية الأولى في 28 آب2011 والتي نصت على الوقف الفوري لإطلاق النار والإفراج عن المعتقلين في السجون وفتح حوار بين كافة الأطراف، وإجراء إصلاحات سياسية تتضمن إجراء تعديلات دستورية، حيث أعقبها تحرك خليجي خلال القمة الثانية والثلاثين 19-20 كانون الأول 2011 حرصت خلاله دول المجلس على الإشادة بالمبادرة المشار إليها، والقرارات الصادرة عن الجامعة بهذا الخصوص، داعية النظام السوري إلى تطبيق بنودها، وتنفيذ البروتوكول الخاص بمهمة بعثة المراقبين العرب الصادر قرار رقم 7438 بتشكيلها خلال اجتماع مجلس الوزراء العرب في 12تشرين الثاني 2012، والذي وُقِّع في القاهرة بتاريخ 19 كانون الأول 2011، بين النظام السوري والجامعة العربية، فضلاً عن المطالبة بوقف القتل، وإزالة أية مظاهر مسلحة، والإفراج عن المعتقلين، كخطوة أولى للبدء في تطبيق البروتوكول، لكن غاب المشهد السوري عن اهتمام القمة التشاورية التي عُقِدت في 14 أيار 2012 لأن تركيزها كان على مشروع الاتحاد الخليجي.
وفيما يتعلق بالاجتماعات الوزارية، فقد شهدت تكثيفًا للاهتمام الخليجي بالأحداث السورية، وهو ما اتضح في تناول 3 اجتماعات من الـ6 اجتماعات التي عقدت خلال العام ونصف منذ اندلاع الثورة، حيث ظهر خلالها الاهتمام الخليجي المتزايد بالأحداث حتى وصل إلى الاتجاه تدريجيًّا للمطالبة بتدويل القضية؛ فبينما اكتفى اجتماع الدورة العشرين بعد المائة التي عُقِدت في 11 أيلول 2011 بالتعبير عن أسفه لاستمرار الأحداث التي تمر بها سوريا، والاستمرار في المطالبة بوقف القتل، واللجوء إلى الحكمة، والعمل على تفعيل إصلاحات جادة وفورية، تلبي تطلـعات الشـعب السوري، والعمل على تطبيق كافة بنود المبادرة العربية التي اعتمدها مجلس الجامعة العربية في دورته غير العادية بتاريخ 27 آب 2011، انتقل الأمر خلال الدورة الثانية والعشرين بعد المائة التي عقدت في 4 آذار 2012، إلى الترحيب بما صدر عن اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في 12 شباط 2012 من قرارات تدعو لإجراءات فاعلة لوقف المجازر، وإبدائه خيبة الأمل في إخفاق مجلس الأمن في اجتماعه يوم 10 شباط 2012 في إصدار قرار لدعم المبادرة العربية، والإشادة بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار العربي المقدم في 16 شباط 2012، معتبرًا ذلك دعمًا للجهود العربية للتوصل لحل سلمي للأزمة، فضلاً عن الترحيب بانعقاد المؤتمر الدولي الأول لأصدقاء سوريا الذي عُقِد بتونس في 24 شباط 2012.
عقد على المستوى الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية 5 اجتماعات تناولت كلها الثورة السورية، قادت خلالها قطر والسعودية التحرك العربي؛ فجاء طرح المبادرة العربية الأولى في آب2011، وأتبعها يوم 16 تشرين الأول2011 تشكيل لجنة وزارية برئاسة قطر خاصة بالثورة السورية من أجل العمل على إيجاد حل من خلال إجراء الاتصالات مع النظام السوري وأطراف المعارضة بجميع أطيافها، والعمل على إجراء حوار وطني برعاية الجامعة خلال 15 يومًا.
وفي تصعيد للضغوط هدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة بفرض عقوبات اقتصادية بما لا يضر الشعب السوري، شملت تجميد أرصدة النظام السوري، ووقف التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف المبادلات التجارية فيما عدا السلع الإستراتيجية ووقف رحلات الطيران.
إلى جانب التحرك تجاه الأمم المتحدة، حرصت دول مجلس التعاون على المشاركة في أية جهود أخرى تساعد على حل الأزمة، فشاركت في مؤتمر أصدقاء سوريا بتونس في 24 شباط 2012، المكون من 70 بلدًا بهدف إيجاد حل خارج إطار مجلس الأمن بعد استخدام روسيا والصين حق الفيتو، ولقد دعا المؤتمر إلى إنهاء العنف ووقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وفرض عقوبات على النظام السوري، كما طالب الشيخ حمد بن جاسم المؤتمر بضرورة تقديم المساعدة للمعارضة بما في ذلك منحهم أسلحة للدفاع عن أنفسهم.
أما اليوم فقد كانت بداية خيانة دماء الشعب السوري من دولة الإمارات، حيث فتحت الإمارات أبوابها لمسؤولي النظام السوري، وعلى رأسهم بشار الأسد، فقد استقبلته استقبال الأبطال ،وقدمت له ملايين الدولارات لتصب في جيبه وجيوب القتلة وماكينة السلاح لقوات النظام السوري الذي قتل واغتصب ودمر ثلاث أرباع سوريا ،ومع تطور الأحداث وبعد الاتفاق بين السعودية والنظام الإيراني ،بدأت تتغير سياسة المملكة لتصب في مصلحة النظام السوري، ليتم الإعلان عن تبادل فتح السفارات بين البلدين ،وليتم الإعلان اليوم عن زيارة قريبة لفيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي لدمشق ،حاملا معه دعوة السعودية لبشار الأسد لحضور القمة العربية القادمة ،لتكون هذه الدعوة بمثابة فتح الأبواب على مصارعها لاحتضان بشار الأسد ونظامه الذي أجرم بحق الشعب السوري، أعتى إجرام على وجه الأرض.