سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
منذ أن قامت روسيا بالضغط لصنع ما يسمى باللجنة الدستورية عرف الكثير ممن لديه خبرة بموضوع القضية السورية أنها لن ظمأ ولن تسعف شعبا عانى ماعاناه طيل هذه الفترة ويبدو أن اللجنة الدستورية السورية، على موعد من انتهاء دورها، بعد أن مُنيت جولاتها الثمانية بالفشل، دون تحقيق أيّا من أهدافها التي أُنشئت من أجلها.
العديد من الخلافات ظهرت بين الوفود المشاركة في اللجنة، التي وقفت عاجزة أمام تحقيق أي خطوة من شأنها دعم الحل السياسي في البلاد، في حين تطال اللجنة انتقادات لاذعة بسبب هذا الفشل، انطلاقا من حاجة السوريين إلى رؤية حقيقية من شأنها الوصول إلى الحل السياسي، وبالتالي الوصول للتغيير الحقيقي المنشود.
المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون، طالب المجتمع الدولي بفتح مسارات جديدة للحل السياسي في سوريا، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن، ما يشير إلى اعتراف بيدرسون، بفشل اللجنة عن تحقيق أيا من أهدافها.
وقال بيدرسون، في كلمة أمام مجلس الأمن الإثنين: “على المجتمع الدولي التحرك في مسارات أخرى تتعلق بقرارات مجلس الأمن الدولي وآخرها القرار 2254، والعمل على إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا.
ونحن بحاجة لعملية سياسية تحرز تقدما ثابتا، وهذا ما نفتقده حاليا، وعملت مع أطراف خارجية لتكون جاهزة للقيام بخطوات حقيقية تجاه سوريا، وأدعو دمشق أن لا تضيّع هذه الفرصة” حسب قوله.
أما السياسية والباحثة الأكاديمية، وعضو مايسمى باللجنة الدستورية السورية، الدكتورة سميرة مبيض، ترى أن تصريحات بيدرسون، هي بمثابة إعلان عن فشل المسار المسمى “خطوة بخطوة“، والذي سعى، بالتناغم مع توجهات دمشق، والمعارضة، لإجراء المصالحات بينهما، ووضع تعديلات بسيطة على الدستور السابق، لذر الرماد في عيون السوريين، وايهامهم بالتغيير، وإدراج المعارضة ضمن إطار المنظومة الحالية، وإخضاع المناطق الخارجة عن سياسة النظام السوري .
وتقول مبيض، في حديث :هذا المسار فشل لأن السوريين والسوريات أدركوا هذا التلاعب السياسي من قبل اللجنة المصغرة التي اختارها الطرفان، وعملت مع السيد بيدرسون وأدركوا مآلاته الكارثية، لذلك يسعى السيد بيدرسون اليوم لإيقاف المسار الدستوري، بحكم أنه فشل بالوصول للمصالحة وتشريع الوضع الحالي في سوريا، بالتوافق مع اللجنة المصغرة التي اختارها النظام والمعارضة.
وتعتقد الباحثة السياسية، أن جميع المسارات السياسية السابقة للحل السياسي، تعمدت “التعطيل السياسي“، وذلك لفرض الأمر الواقع عبر تكريس قوى عسكرية على الأراضي السورية.
ونأسف، أن الأمم المتحدة التي ترفع شعارات حقوق الإنسان وحفظ الأمن، تظهر بشكل متناغم مع هذه القوى المسيطرة على الأراضي السورية، والتي تخل بأمن واستقرار المدنيين، وتقوم بترويعهم وترهيبهم. لا يمكن لأي مسار آخر، إلا أن يكون ملهاة جديدة، لشغل السوريين عن تحقيق هدف بناء دولة قانون ومواطنة، بعيدا عن هذه القوى الهمجية، وانتهاكاتها المستمرة لحقوق السوريين.
وبرأي مبيض، فإن بيدرسون، يهدف من خلال دعوته لمسارات أخرى، إلى الهروب من المسؤولية من فشله في المرحلة السابقة وتقول: “عوضا عن أن يطرح مزيد من المسارات الفاشلة، يفترض بالسيد بيدرسون، التنحي والاعتذار من السوريين، لمحاباته لقوى ارتكبت بحقهم أبشع الجرائم الإنسانية.
ورغم دعوته لإنشاء مسارات أخرى للحل السياسي، أشار بيدرسون، إلى أنه دعا وزراء خارجية تركيا، وروسيا، وإيران، لدعم أطراف اللجنة الدستورية، معربا عن أمله في أن تتمكن اللجنة الدستورية من الالتئام مجددا في جنيف.
خلال اجتماع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غير بيدرسون، نفت روسيا أن تكون فقدت اهتمامها بالتسوية في سوريا.
لتعلن وزارة الخارجية الروسية، الخميس الفائت، عن لقاء جمع بيدرسون، بلافروف في العاصمة موسكو. وقالت الخارجية، في بيان، إن الطرفين أجريا مباحثات موسّعة حول القضايا الراهنة على الصعيد السوري، مشيرا إلى أنهما أوليا اهتماما خاصا، لعمل اللجنة الدستورية السورية، وأكدا على أهمية الحفاظ على حوار إيقاعي ومثمر، في منصة التفاوض.
وقالت الخارجية في بيانها: جرت مناقشة موضوعية حول الجوانب الموضوعية لتسوية سورية شاملة،
مع التركيز على دفع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تقودها سوريا، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254″.
وأكدت الخارجية الروسية، أنه تم خلال الاجتماع “إيلاء اهتمام خاص لأنشطة اللجنة الدستورية السورية التي تشكلت بقرار من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عام 2018”. وأشارت إلى أنه، “في الوقت نفسه، “تم تأكيد أهمية استمرار الحوار المنتظم والمثمر في منصة التفاوض هذه.