خوفاً من نشوء وانتشار تنظيماتٍ إسلامية معادية له شجع النظام السوري قيام حركات إسلامية غير سياسية وسمح لبعض رجال الدين المقربين منه أمثال المفتي السابق الشيخ أحمد كفتارو والشيخ سعيد رمضان البوطي بإقامة حلقات خاصة بتدريس الدين الإسلامي ضمن المعاهد الشرعية والمساجد ومن رحم تلك الحلقات أسست منيرة القبيسي تجمعاً عرف باسم القبيسيات خلال فترة السبعينات بدعم من الشيخ كفتارو الذي كان مفتي حافظ أسد منذ نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي شهد المجتمع السوري نوعاً من المد الإسلامي المعتدل في أوساطه حيث اكتظت المساجد بالمصليين ولا سيما يوم الجمعة ومن فئة الشباب على وجه الخصوص كما ازداد إقبال النساء والفتيات على الدروس والحلقات الخاصة بحفظ القرآن الكريم.
وربما كان للفساد الاقتصادي والسياسي دور في تغذية التيارات الإسلامية التي توصف بالمعتدلة بعدما قطع النظام السوري الطريق أمام أي انفتاح سياسي ولا سيما بعد محاربته لجماعة الإخوان المسلمين ليجد الشباب فرصتهم للانخراط ضمن هذه التيارات.
فالقبيسيسات كما يدعون جمعية نسوية تقوم بأعمال خيرية من ضمنها إطعام الفقراء وعلاج المرضى وتعليم الطلاب مادة التربية الإسلامية هكذا تصف إحدى ناشطات الجمعية النسائية الواسعة الانتشار في سوريا عمل جمعيتها التي بدأت نشاطها منذ ما يزيد على ثلاثة عقود في العاصمة دمشق غير أن مثل هذا التعريف الذي يتكرر على لسان منتمين أو متعاطفين معها لم يخفف من حدة الجدل المستمر حول هويتها وأهدافها التي ما تزال مشوشة بسبب قلة المعلومات الدقيقة عنها وصعوبة الحصول عليها.
وفي خضم هذا الجدل يذهب بعض المفكرين الإصلاحيين على غرار محمد شحرور إلى حد القول بأن القبيسيات تمثل شبكة تخترق صانعي القرار في سوريا وتسعى إلى إقامة دولة إسلامية على غرار دولة طالبان غير أن محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري ومدير مركز الدراسات الإسلامية في دمشق ينفي الطابع السياسي للجمعية بقوله: ليس للقبيسيات مشروع سياسي والدليل على ذلك تجنبهن الدخول في الصراعات السياسية والمسلحة التي شهدتها سوريا في أواخر سبيعنات وأوائل ثمانينات القرن الماضي بين الدولة وتنظيم الأخوان المسلمين.
ويضيف حبش في تصريح : سادت ظروف معينة فرضت على القبيسيات الانزواء والسرية في العمل مما ساهم في تشويش الصورة حول أهدافهن وتغذية الشائعات بهذا الخصوص أما اليوم فالمطلوب منهن تغيير ذلك لاسيما بعد السماح لهن بالنشاط العلني في مساجد ومدارس كثيرة كما يرى حبش بأن القبيسيات يملن إلى المحافظة ولسن تكفيريات وليس لهن أي تعاملات مع جهات سياسية معينة.
لكن مايتفق عليه الجميع بأن القبيسيات جماعة نسائية تمجد النظام السوري رغم جرائمه بحق الشعب السوري المنكوب.