مصر – مروان مجيد الشيخ عيسى
كتبت جريدة الشرق الأوسط في مقال عن مرض الجدري نقلا عن باحثين: الثابت علمياً في أكثر من دراسة، أن «أقدم دليل على مرض الجدري يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد في المومياوات المصرية، ويعد الملك رمسيس الخامس، أشهر مصاب به».
ولا يعني توثيق هذه الإصابات أن المصري القديم، كان يعرف هذا المرض، لكن العثور على علامات تشير إليه، جعل علماء يخلصون إلى حقيقة أنه كان موجوداً، حتى ولو لم يعرف له اسم وقتها.
واستند فريق بحثي أميركي – مصري مشترك من وزارة الصحة الأميركية وجامعتي كفر الشيخ وطنطا بمصر، لهذه الحقيقة، وتساءلوا في دراسة نشرت 23 أغسطس (آب) الماضي، بدورية «لانسيت ميكروب»، حول إمكانية العثور على أدلة تشير إلى إصابة المصري القديم بـ«جدري القردة» أيضاً.
واستعرض الباحثون في دراستهم الشواهد، التي جعلتهم يرجحون إمكانية العثور على علامات لـ«جدري القردة» في المومياوات المصرية القديمة، بداية من الإشارة إلى دراسة موسعة كانت قد أجرتها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، على المومياوات المصرية، وثقت من خلالها علامات تدل على وجود فيروس الجدري (على سبيل المثال، اندفاعات الجلد الحويصلية).
وقالوا إنه «بسبب التشابه بين كلا المرضين، هل كان من الممكن أن تكون تلك العلامات التي عثر عليها تخص (جدري القردة) بدلاً من الجدري»، مشيرين إلى أن هذا السؤال يستحق الإجابة، حيث لم تؤكد أو تنكر أي تحليلات حتى الآن هذا الرابط المعقول.
ويتشابه كلا الفيروسين من حيث التركيب الجيني، والعرض السريري، ولكن هذا التشابه الذي دفعهم لإثارة هذه الفرضية، قد يصطدم بحقيقة الاكتشاف الحديث نسبيا لفيروس جدري القردة «تم اكتشافه عام 1958»، لكن الباحث الرئيسي بالدراسة جعفر شاه، من وزارة الصحة بولاية نيويورك، ورفاقه المصريين، كانوا جاهزين بالرد، مستندين إلى دراسة قادتها مادلين تيي، من مركز البحوث الاستوائية بمعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا، ونشرت في يناير (كانون الثاني) 2018 بدورية «رويال سوسيتي».
وخلال هذه الدراسة فحصت تيي وزملاؤها، نحو ألف عينة متحفية تم جمعها في فترة 120 عاماً. وكشفوا عن وجود فيروس (جدري القردة) في خمسة أنواع من السنجاب الأفريقي (Funisciurus sp)، وذلك في وقت مبكر من عام 1899.
واقترحت تيي وزملاؤها بناء على هذا الاكتشاف، وجود «جدري القردة» في البشر والحيوانات المضيفة قبل الإعلان لأول مرة عن اكتشافه في عام 1958. كما سلطوا الضوء في دراستهم أيضاً على انتشار فيروس «جدري القردة»، عن طريق الانتقال من حيوان إلى إنسان، والذي مثل من 72 إلى 78 في المائة، من جميع حالات «جدري القردة» في الثمانينيات.
ودفع ذلك شاه ليقول في مقدمة دراسته: «يثير ذلك المزيد من التساؤل عما إذا كان تاريخ فيروس (جدري القردة) يعود إلى العصور القديمة، عندما كانت الحياة البرية هي البيئة المعيشية السائدة لأشخاص مثل المصريين القدماء».
ويوضح أن الأمراض المعدية (مثل الكوليرا والحصبة والإنفلونزا والجدري)، كانت شائعة جداً بين قدماء المصريين، وتسببت إما في الوفاة أو نقص المناعة لدى الأفراد المصابين، لذلك، يمكن أن يكون فيروس جدري القردة موجوداً بين المصريين القدماء. ودعا إلى تحليل العينات التاريخية لمومياوات مصرية بحثاً عن أدلة على «جدري القردة». وقال إن «تحليل عينات عمرها آلاف السنين، سيعطي تلميحات ورؤى حول تاريخ وتطور فيروس (جدري القردة)، كما أنه سيحسن من قدرتنا على التفسير والتنبؤ بتأثير الطفرات الجينية المختلفة الحديثة، وستساعدنا هذه الأفكار في إدارة ليس فقط تفشي مرض جدري القردة العالمي الأخير، ولكن أيضاً أي عدوى فيروسية حديثة أخرى».
وحتى يتم تحليل العينات والعثور على المادة الوراثية لفيروس «جدري القردة» بها، يظل الحديث عن احتمالية إصابة الفراعنة به مجرد تكهنات، كما يقول توماس سميث، مدير مركز أبحاث المناطق المدارية بمعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا، أحد الباحثين المشاركين في دراسة «السنجاب الأفريقي»، التي استند إليها جعفر شاه وزملاؤه بالفريق البحثي.