في تطور أمني لافت، اعتقلت السلطات السويدية المدعو شيار علي، المعروف بكونه “ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” وممثل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD/PKK في السويد، وذلك ضمن تحقيقات موسعة تتعلق بالتجسس والتعامل غير المشروع مع معلومات سرية. وتأتي هذه العملية في إطار قضية وصفتها مصادر أمنية بأنها “من أخطر ملفات التجسس” التي تشهدها السويد في السنوات الأخيرة.
سجل حافل بالاتهامات منذ 2017
شيار علي، البالغ من العمر 61 عامًا، ليس غريبًا على المحاكم السويدية؛ إذ يواجه منذ عام 2017 محاكمات متواصلة تتعلق بغسيل أموال يُشتبه في أنها جُمعت تحت غطاء “المساعدات الإنسانية لشمال سوريا”، قبل أن تُستخدم لتمويل أنشطة تنظيم “قسد” وأذرعه المختلفة. وقد كشفت التحقيقات أن الجزء الأكبر من تلك الأموال تم تحويله من ألمانيا إلى السويد عبر شبكات مرتبطة بـ PKK/YPG، ثم أعيد توجيهها إلى مناطق شمال سوريا.
ابتزاز للأكراد في أوروبا لتمويل التنظيم
وتشير تقارير من داخل الاتحاد الأوروبي إلى أن أنصار تنظيم قسد/PKK/SDF يمارسون ضغوطًا على الأكراد المقيمين في أوروبا، من خلال الابتزاز المالي والتهديد بالموت بحق من يرفض الدفع، في ما يشبه “نظام جباية شهري”، تُستخدم عوائده في دعم التنظيمات المسلحة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني PKK. ويأتي هذا في وقت أعلنت فيه قيادة الحزب رسميًا عن “حل التنظيم” يوم الاثنين الماضي، وسط غموض يلف مستقبل أذرعه المنتشرة في المنطقة.
تفاصيل الاعتقال والمداهمة الأمنية
كشفت وسائل إعلام سويدية أن الشرطة داهمت منزل شيار علي فجر الأحد الماضي في ستوكهولم، وذلك بمشاركة ما لا يقل عن عشرة عناصر من الشرطة السرية، متنكرين بملابس عمال بناء، في عملية عكست حجم المخاطر الأمنية المحيطة بالقضية. وخلال المداهمة، تمت مصادرة معدات إلكترونية حساسة، بينها حاسوب محمول وهواتف، يجري تحليلها حاليًا ضمن التحقيقات الجارية.
ووجهت إلى شيار علي تهمة رسمية تتعلق بـ “التعامل غير المصرح به مع معلومات سرية”، في خطوة تعكس تورطه المحتمل في نشاطات تمس الأمن القومي السويدي.
تشابك مع قضية الصحفي السويدي في تركيا
ورغم نفي جهاز الأمن السويدي (سابو) وجود صلة مباشرة، فإن توقيت القضية أثار تساؤلات حول علاقة محتملة بين شيار علي وقضية الصحفي السويدي يواكيم مدين، المحتجز حاليًا في تركيا بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية. ويرى مراقبون أن هناك تداخلات محتملة بين الشبكات الإعلامية والسياسية التابعة لـ”قسد” في أوروبا والتحركات الإعلامية لمدين.
تحقيقات تطال دبلوماسيين ومسؤولين حكوميين
في موازاة ذلك، أعلن جهاز الأمن السويدي عن فتح تحقيقات مع دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية يُشتبه في قيامه بأنشطة تجسسية في ستوكهولم مطلع مايو، وسط تقارير تشير إلى ارتباطه بتسريبات تخص الأمن الوطني. كما يخضع موظف حكومي آخر في الخارجية السويدية للتحقيق بتهمة مماثلة، ويُعتقد أن له تواصلًا مع شخصيات كردية بارزة في شمال سوريا.
الوضع الراهن وتداعيات محتملة
تم الإفراج عن جميع المشتبه بهم بكفالة، لكنهم ما زالوا قيد التحقيق. وتتكتم السلطات على مزيد من التفاصيل، في انتظار استكمال التحليلات الفنية والأدلة الإلكترونية. ويُتوقع أن تؤثر نتائج التحقيقات على مستقبل العلاقات الأمنية والدبلوماسية للسويد، خاصة مع تزايد القلق الأوروبي من تغلغل التنظيمات المصنفة على لوائح الإرهاب في المؤسسات المدنية والسياسية داخل أوروبا.