سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
رغم عودة حوادث الغرق في الآونة الأخيرة وموت العديد من السوريين المهاجرين، إلا أن ذلك لم يمنع الآلاف من التحضر لسلوك طرق مختلفة، ولم تعد الهجرة تقتصر على السوريين في سوريا، فحتى أولئك الذين يعيشون في دول الجوار باتوا يسلكون ذات الطريق بحثا عن استقرار يكاد يكون مفقودا، منهم من يتبع طريق البحر، ومنهم من يسافر جورا لدول قريبة من أوروبا ليكمل من هناك بطرق التهريب البرية، واضعين في سبيل هذا الهدف كل ما ادخروه في حياتهم، أو من خلال بيع منازلهم وعقاراتهم.
وخلال الأشهر الأخيرة، بدأ الآلاف من السوريين بالخروج في طريق الهجرة، والتي لم تعد تقتصر على المناطق المعارضة للنظام السوري كما في السابق، بل شملت أولئك الذي كانوا حتى الأمس يؤيدون النظام بشكل مطلق، بعد أن وجدوا أنهم وقعوا في فخ الفقر والتضحية دون طائل.
ولكن تختلف وجهات كل منطقة في سوريا في الشاطىء الذي سينطلقون منه إما إلى النجاة أو الموت، ولكن البحر المتوسط يجمعهم جميعا.
وسط سوريا ومدنها الساحلية، تلجأ إلى الشواطىء اللبنانية من عكار وغيرها للتوجه نحو قبرص واليونان، فهي أقرب جغرافيا وأقل كلفة من السفر إلى ليبيا بالنظر إلى الفقر المدقع الذي خلفته الحرب في هذه المناطق.
محمد علي من حمص يتجهز للرحيل هو الآخر عبر لبنان إلى قبرص، يروي الشاب العشريني قائلا لم يعد هناك أي شيء في سوريا يدعوني للبقاء، لقد تخرجت من الجامعة ولا يوجد أي عمل، وشبح الخدمة العسكرية يلاحقني، لقد باتت كل الطرق مسدودة هنا، ولم يبق إلا الهجرة ولافرق وصلت أم لا فنحن نعيش الموت في سوريا يوميا.
ويضيف ليس لدي القدرة للسفر إلى ليبيا، فأنا أحتاج لاستخراج جواز سفر مستعجل وتكلفته تتجاوز 1000 دولار، وبطاقة طائرة أيضا، وهذه المصاريف كفيلة بأن تساعدني بالخروج بأحد القوارب من لبنان إلى قبرص ولا يهم ما يحدث بعد ذلك”.
أما أبناء درعا، فلهم وجهتهم أيضا، حيث يفضلون السفر إلى ليبيا ومنها التوجه نحو إيطاليا أيضا عبر البحر، فتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المنطقة دفعت المئات منهم لمغادرة مدنهم وبلداتهم وبتسهيلات من النظام على الرغم من وجود مطلوبين لها من بينهم.
عبدالعزيز عدنان، ثلاثيني من مدينة نوى، التي تشهد أكبر موجة هجرة في درعا، يتحدث قائلا “لقد أصبحت درعا عبارة عن مكان يعج بالفوضى والاغتيالات والاعتقالات، وفوق كل ذلك نعاني من الضيق الاقتصادي نتيجة تدهور الاقتصاد السوري بشكل عام، ومن أجل تأمين تكاليف السفر باع والدي قطعة أرض وأعطاني ثمنها، ولولا ذلك فليس هناك إمكانية للخروج.
هكذا تحولت هجرة السوريين من الموت إلى الموت وسط المجهول .