اقتصاد الظل يدمر الوضع المعيشي للسوريين .

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى 

اقتصاد الظل هو كل نشاط اقتصادي غير قانوني، سواء كان يمس مسائل مشروعة من الناحية الأخلاقية والنظامية العامة أو غير مشروعة، أي مجمل الأنشطة التي لا تتم تحت مظلة القانون وشفافيته.

وتعتبرالنشاطات الاقتصادية غير المشروعة أحد أنواع الاقتصاد المعروفة في سوريا مما قبل العام ٢٠١١ حيث كان يشكل أكثر من ٤٥بالمئة من إجمالي الناتج المحلي حيث يلجأ العديد من أصحاب الفعاليات المالية والتجارية إليها، للتهرب الضريبي أو لإخفاء عمليات مخالفة للقانون وحتى الأخلاق، ولكنها زادت خلال السنوات الأخيرة لتصبح سمة رئيسية للاقتصاد في سوريا.

وتصنف جمعية العلوم الاقتصادية السورية اقتصاد الظل ضمن نوعين، الأول نشاط قانوني لكنه غير مرخص، ويُعرف باسم “الاقتصاد غير الرسمي”، إذ لا يخضع للرقابة الحكومية ولا تدخل مدخلاته ومخرجاته في الحسابات القومية، أما الثاني نشاط غير قانوني يُعرف بـ “اقتصاد الجريمة” أو “الاقتصاد الأسود”، وتندرج ضمنه الأعمال المتعلقة بالأسلحة والمخدرات وسرقة الآثار والمتاجرة بالبشر.

وبحسب الجمعية، فإن أسباب انتشار اقتصاد الظل إلى عوامل عدة، أبرزها تراجع دور الدولة والقوانين المختصة، انخفاض دخل الفرد وارتفاع معدل الإعالة، عدم قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل للقادمين إلى سوق العمل، ندرة السلع وانتشار السوق السوداء، عدم مرونة التشريعات الاقتصادية، وغيرها

يواصل اقتصاد الظل في سوريا تمدده خلال السنوات الأخيرة، في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة واتجاه الكثير من السوريين إلى سياسة “النجاة الفردية” بحثا عن أي فرصة لتحقيق دخل يكفي أدنى متطلبات الحياة.

ولا توجد دراسات حول اقتصاد الظل، وحتى بالنسبة للتقديرات فإن هامش الخطأ فيها كبير لعدة أسباب، أّولها عدم دقة الرقم الإحصائي للبيانات الرسمية المعلنة، وعدم توافر العديد من الأرقام الإحصائية التي تخدم التقدير، إضافةً إلى صعوبات التقدير الناتجة عن تشابك وتداخل أنشطة القطاع الرسمي مع غير الرسمي، و أن معظم من يعمل في القطاع الرسمي يعمل أيضا في اقتصاد الظل من أجل تحسين الدخل، كذلك فإن معظم قطاعات الأعمال الرسمية لديها قسم كبير من أنشطتها غير مصرح بها، وتدخل ضمن اقتصاد الظل وذلك لغايات ضريبية، مضيفة أنه “حتى إن عامليها المسجلين في التأمينات الاجتماعية، فإن الجزء الآخر من راتبهم غير المقيد في السجلات الرسمية يندرج تحت اقتصاد الظل أيضا”.

والعديد من التقديرات المبنية لاقتصاد الظل، مبنية على المشاهدة وليس على أساسٍ علمي، تتفق معظمها رغم اختلافها على أن اقتصاد الظل في سوريا في حالة تورم مزمن ومستمر، وأن القوة العاملة التي تغذيه هي شريحة الشباب، وذلك يعود إلى ارتفاع معدلات البطالة، التي تجاوزت ٦٠ بالمئة لدى هذه الفئة، وبالمقارنة بين متوسط دخل الفرد ومتوسط الإنفاق يمكن القول إن حجم اقتصاد الظل يتجاوز ١٠٠ بالمئة.

أسباب انتشار اقتصاد الظل في سوريا كثيرة ولا يمكن حصرها، لكن يمكن ترتيبها وفق الأكثر مساهمة في خلق هذا النشاط المخفي، أهمها الإجراءات المعقدة وغير الواضحة، والتهرب من الواجبات المالية أي ضريبة الدخل، إضافة إلى انخفاض مستوى الدخل مقارنة مع مستوى المعيشة، مشيرة إلى أنه على الرغم من مساهمة اقتصاد الظل في توفير فرص عمل وتحسين مستوى الدخل وحفاظ بعض الأسر على وضعها فوق خط الفقر، وتوفير بعض السلع والخدمات في السوق، غير أنه يبقى حالة غير صحية للاقتصاد والمجتمع على المدى الطويل، حيث إن جميع العاملين فيه يعملون في بيئة عمل لا تتمتع بشروط السلامة الصحيّة والمهنيّة، ويفتقدون حقوقهم في الضمان الصحي والتأمينات الاجتماعية.

و انتشار هذا القطاع يعني مزيدا من العجز في الموارد العامة للدولة، وهذا ينعكس لاحقا على جودة الخدمات العامة المقدمة وعلى حُسن رسم السياسات، مبينة أن لاقتصاد الظل نوعا آخر ذا طبيعة إجرامية مؤذية للاقتصاد والمجتمع، مثل تجارة السلاح والآثار والتجارة بالأعضاء البشرية والمضاربة على العملة وغيرها، والتي تعتبر من أكثر الأنشطة المدرة للأرباح، بل كانت السبب الرئيسي لبروز أمراء الحرب، يضاف إليهم تجار الأزمات الذين احتكروا بعض السلع، وتاجروا بها مثل تجار المواد الغذائيةالذين أوغلوا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في سوريا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.