اتفاق غزة انتصار لصمود الشعب الفلسطيني وهزيمة للاحتلال…. د. حسين الديك

يصف الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي د. حسين الديك
أن اتفاق الهدنة في قطاع غزة بأنه تاريخي، وجاء برعاية مصرية-قطرية-أمريكية، ليطوي الآلالم بعد حرب مدمرة استمرت لأكثر من 15 شهرًا على القطاع، حيث أن الاتفاق، الذي مثّل تحولًا في مواقف الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، جاء بعد تدخل حاسم من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي أرسل مبعوثه الخاص إلى تل أبيب لإبلاغ نتنياهو رسالة واضحة: “الرئيس يريد توقيع الاتفاق خلال أيام”، وهذه الرسالة دفعت نتنياهو إلى تغيير مواقفه، ليس فقط بالموافقة على الاتفاق، بل أيضًا بتقديم تنازلات ملموسة، وهذه التنازلات حققت لحركة حماس مكاسب جوهرية، خاصة في القضايا التي رفضتها إسرائيل سابقًا، مثل الانسحاب الكامل من قطاع غزة ووقف إطلاق النار النهائي بعد المراحل التنفيذية الثلاث للاتفاق.
و أن هذا الاتفاق يُعد تطورًا هامًا كونه ينهي واحدة من أطول الحروب التي دمرت غزة بشكل واسع، وأسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى.
أن أهم بنود الاتفاق التي تشمل:ووقف إطلاق النار النهائي بعد مرحلة ثالثة يتم تنفيذها تدريجيًا، وانسحاب إسرائيل الكامل من غزة وهو مطلب كانت الحكومات الإسرائيلية ترفضه بشكل قاطع، وإعادة الإعمار والتعويض حيث نص الاتفاق على بدء عملية إعادة الإعمار، لكنه لم يحدد آليات التنفيذ أو الجهة المسؤولة عن إدارة العملية في غزة، مما يترك هذا البند في حالة من الغموض.
القضية الأخرى المحورية هي إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، فالمرحلة الأولى تشمل الإفراج عن 250 أسيرًا من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات، مما يمثل إنجازًا غير مسبوق، خصوصًا إذا تم تنفيذ المرحلة الثانية التي قد تؤدي إلى خلو السجون الإسرائيلية من أسرى المؤبدات تمامًا.
أن هذا الاتفاق لا يمكن اعتباره اتفاق سلام بين حركة تحرر ودولة احتلال. فهو لا يتناول القضايا السياسية الجوهرية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مثل:ومستقبل الحدود والسيادة، ومصير اللاجئين، وإدارة قطاع غزة والمعابر الدولية.
و الاتفاق يتعامل فقط مع التداعيات المباشرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وينص على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر 2023.
في هذا السياق أن الاتفاق في غزة لا يحمل أي بُعد سياسي مستقبلي، ولا يضمن حلًا دائمًا للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
والمقارنة بين هذا الاتفاق واتفاق أوسلو غير منطقية، فبينما جاء أوسلو في سياق تفاوض سياسي بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، هدف هذا الاتفاق إلى إنهاء العمليات العسكرية ووقف الدمار في غزة، كما أن أوسلو تضمن وعودًا سياسية مثل إقامة دولة فلسطينية، بينما يغيب هذا البعد تمامًا في الاتفاق الحالي.
وهذا الاتفاق جاء في ظل ظروف دولية وإقليمية ضاغطة، حيث ان الإدارة الأمريكية الجديدة لعبت دورًا رئيسيًا في دفع الأطراف إلى الاتفاق، فيما وفرت مصر وقطر غطاءً دبلوماسيًا لتنفيذه، ومع ذلك، يبقى الاتفاق مرهونًا بتحديات عديدة، أهمها آلية تطبيق البنود المتعلقة بإعادة الإعمار وضمان وقف العدوان المستقبلي.
أن هذا الاتفاق يمثل إنجازًا مرحليًا لحركة حماس وللشعب الفلسطيني، لكنه يترك العديد من الأسئلة الجوهرية دون إجابة، وهو اتفاق لإنهاء أزمة حادة وليس لتسوية الصراع الطويل، مما يعني أن القضية الفلسطينية ستبقى في حالة من عدم الاستقرار السياسي في غياب حلول شاملة وعادلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.