أسماء الأخرس تعتلي الدولة العلوية اقتصاديا 

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

منذ بداية الأحداث في سوريا بدأت تطغى على الاقتصاد السوري متغيرات ساهمت في الإطاحة بكثير من مافيات الاقتصاد السوري.

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، يوم الأحد، تقريراً حمل عنوان: “الاستيلاء على الدولة السورية: النفوذ المتزايد للسيدة أسماء الأسد، شرحت فيه كيف أن أسماء تم تهميشها في البداية، وكانت مجرد امرأة متأثرة بالمثل الغربية قد ارتفعت لتصبح واحدة من أقوى الشخصيات في البلاد، ولتعلو رأس الأسرة الحاكمة التي لا تعرف الرحمة.

كما شرح التقرير كيف تحاول أسماء الظهور بشكل قريب من الناس، حيث تصنف نفسها على أنها أم الوطن، عبر تقديم الدعم الإنساني إلى أسر العسكريين في ميليشيات زوجها والأطفال المصابين بالسرطان والناجين من زلزال 6شباط.

لكن في السر، حوّلت أسماء نفسها إلى موقع قوة ملحوظة، وفقاً لمقابلات مع 18 شخصاً على دراية بعمليات النظام، بما في ذلك رؤساء الشركات وعمال الإغاثة والمسؤولون الحكوميون السابقون. وهي الآن تتحكم في بعض العوامل الرئيسية في الاقتصاد السوري المنهك، سواء من الناحية السياسية أو المرابح الاقتصادية، ما ساعد على توطيد قبضة عائلة زوجها على سوريا المغرقة بالدماء والدمار.

ووفق الصحيفة فقد بات من الواضح أن أسماء تمارس دوراً قمعياً للقوة الاقتصادية في سوريا، حيث يمكن الكشف عن بصماتها عبر قطاعات متعددة من الاقتصاد السوري، بما في ذلك العقارات والمصارف والاتصالات السلكية واللاسلكية عبر شركاء مقربين.

وسعت أسماء ومعها ماهر الأسد، وفق ما يقول رجال أعمال ومحللين سوريين، إلى تفكيك طبقة التجار التقليديين في سوريا وخلق طرق جديدة للاستفادة من الحرب، فأصبحت كل سوريا الآن هي أسماء الأسد.

وساهمت أسماء عبر شبكة من العلاقات المتنفذة في إحكام سيطرتها على اقتصاد سوريا بشكل كبير وسعت للبحث عن مصادر دخل جديدة غير مشروعة للنظام، ما ساعد على إبقائه واقفاً على قدميه، ومن الأمثلة على ذلك: الأسلحة، وتهريب النفط، والكحول، ومبيعات الكبتاغون والأمفيتامين غير القانوني.

لكن ذلك لم يكن كافياً، لذلك في عام 2019، نفذ نظام الأسد ما أطلق عليه رجال الأعمال وخبراء سوريون حملة شبيهة بالمافيا لزعزعة نخبة رجال الأعمال، بمن فيهم أولئك الذين دعموا الأسد طوال الحرب.

وفي سبيل ذلك تم استدعاء العشرات من رجال الأعمال إلى فندق شيراتون في دمشق عام 2019، وطُلب منهم إيداع ملايين الدولارات الأمريكية في البنك المركزي للمساعدة في استقرار الليرة السورية وإلا لن يتم الإفراج عنهم.

ويصف أحد رجال الأعمال السوريين البارزين كيف أوقفه أفراد من قوات الأمن في شوارع دمشق في صيف العام الماضي وطلبوا منه مرافقتهم إلى مكتب قريب، ثم تم وضعه في الحبس الانفرادي لمدة 14 يوماً وبعد ذلك تم منحه خيارين: إما تسوية فاتورة كبيرة بناءً على ثروته المقدرة، أو البقاء في السجن إلى أجل غير مسمى.

وعادةً ما تتجاوز الأموال التي يتم جمعها بهذه الطريقة حسابات تحصيل الضرائب ويتم إرسالها بدلاً من ذلك إلى الصناديق الخيرية أو الحسابات المصرفية التي يسيطر عليها القصر الرئاسي مباشرة، والتي يقول الأشخاص الذين لديهم نظرة ثاقبة في تفكير النظام إنها تستخدم إلى حد كبير لرعاية الأسد وإثرائه الشخصي.

المصادرة الممنهجة للأصول تم التفكير فيها خلال اجتماعات المجلس الاقتصادي السري للقصر الرئاسي الذي ترأسه أسماء، كما يقول خبراء سوريون ومصادر لديها رؤى ثاقبة في تفكير النظام.

وعلى عكس اللجنة الاقتصادية الرسمية التابعة للنظام، فإن هذه اللجنة غير معروفة خارج بوابات القصر وتنفذ عمليات مصادرة الأصول الأكثر سرية للنظام.

ومن غير الواضح مدى مشاركة بشار مع المجلس، إذ يعتقد بعض الناس أن الزوجين يتصرفان بشكل تشاركي بما يخص الاقتصاد. لكن آخرين يقولون إن أسماء تتصرف كمديرة مشروع للحيوانات الأليفة، نظراً لخلفيتها في التمويل، بينما يقول رجل أعمال سوري مخضرم يعرف عائلة الأخرس: إنها مؤثرة للغاية على بشار.

وتقول الصحيفة إن الضحية الأكثر شهرة لعمليات الابتزاز حتى الآن هو رامي مخلوف، ابن خال بشار. وكان يُعتقد أنه كان يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد السوري قبل الحرب، بثروة تتقدر بالمليارات حتى عام 2019، حيث نهبت السلطات إمبراطوريته المترامية الأطراف وأجبرته على تسليم أصوله الرئيسية داخل البلاد.

وشمل ذلك أكبر شركة سورية، شام القابضة، وجوهرة تاج مخلوف، سيريتل، أكبر شبكة للهاتف المحمول في البلاد. وبذلك، أخضع الأسد أحد منافسيه الاقتصاديين الرئيسيين تحت سيطرته، أما أسماء فإنها تسيطر الآن على مؤسسة مخلوف الخيرية وشبكة المحسوبية العلوية الواسعة، ما يوسع نفوذها على قطاع المساعدات.

فالإطاحة برامي مخلوف كانت توجيهاً واضحاً من أسماء، إذ إنه لم يجلس جيداً بين أعضاء النخبة العلوية، فيما يقول أحد العلويين الذي يشعر بالمرارة: لم نمر بكل هذا، لنضع سوريا في أيدي امرأة سنية.

فالمنتسبين المقربين لعائلة الأسد موجودون في كل مكان، بما في ذلك أبناء عمومة أسماء وأحد أشقائها على الأقل، حيث يديرون العديد من الشركات المرتبطة بها ارتباطًا وثيقًا، إذ يمتلك ابن خالتها مهند الدباغ حصة 30 بالمائة في نظام البطاقة الذكية في سوريا، ويقول أحد المصادر: لكي يتم إنجاز أي عمل جديد اليوم، تأخذ أسماء وطاقمها جزءاً.

فقد بدأت أسماء بالفعل الاعتماد على شبكة من المصالح والنفوذ، ومن أولئك لينا الكناية، التي كانت ترأس سابقاً مكتب أسماء، ولكنها الآن مستشارة وزارية.

وهي إحدى مسؤولي العلاقات مع القطاع الخاص في القصر، وعند معاقبتها في عام 2020، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى أنها أجرت مجموعة من الأنشطة التجارية والشخصية نيابة عن أسماء.

ومن بين الشركات الأخرى المقربة لأسماء خضر علي طاهر، صاحب أكبر شركة لبيع الهواتف بالتجزئة وتكنولوجيا المعلومات في سوريا، وعضو المجلس الاقتصادي للقصر، ويعتقد الكثيرون أنه يدير الشركة التي تم إطلاقها في عام 2019 نيابة عنها.

لتصبح أسماء الأخرس اليوم متربعة على عرش العلويين اقتصاديا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.